رد: ما الصواب في التهنئة بالعام الهجري
للسيوطي رسالة: (وُصُولُ الْأَمَانِي بِأُصُولِ التَّهَانِي) طبعت ضمن كتابه الحاوي للفتاوي (1/ 90)، أطال الكلام فيها
ومما تجدر الإشارة به فإن المقصود بابن حجر هنا هو الحافظ العسقلاني، لا الهيتمي
جاء في أسنى المطالب في شرح روض الطالب (1/ 283)
فَائِدَةٌ قَالَ الْقَمُولِيُّ: لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي التَّهْنِئَةِ بِالْعِيدِ وَالْأَعْوَامِ وَالْأَشْهُرِ كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ.
لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: عَنْ الْحَافِظِ الْمَقْدِسِيَّ: أَنَّهُ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُخْتَلِفِينَ فِيهِ، وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ، لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ انْتَهَى.
وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا حَافِظُ عَصْرِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى ذَلِكَ: بِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ عَقَدَ لِذَلِكَ بَابًا، فَقَالَ: "بَابُ مَا رُوِيَ فِي قَوْلِ النَّاسِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي يَوْمِ الْعِيدِ: تَقَبَّلْ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك"، وَسَاقَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَخْبَارٍ وَآثَارٍ ضَعِيفَةٍ، لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَجُّ لِعُمُومِ التَّهْنِئَةِ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ يَنْدَفِعُ مِنْ نِقْمَةٍ بِـ: مَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ الشُّكْرِ، وَالتَّعْزِيَةِ، وَبِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ: أَنَّهُ لَمَّا بُشِّرَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ، وَمَضَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ إلَيْهِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ فَهَنَّأَهُ).
وفي الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (ص: 96): (وَسُئِلَ رَضِي الله عَنهُ بِمَا صورته: ذكر الْجلَال فِي (مُخْتَصره) من أذكار النَّوَوِيّ رَحمَه الله أَنه لَا بَأْس بـ...، وَلَا بالتهنئة بالعيد، والشهر والسنَّة، فَلهُ أصل فِي السّنة؟ ...
فَأجَاب بقوله: ... وَقَول الْجلَال: وَلَا بالتهنئة الخ لَو أبدله بقوله بل لَا يبعد نَدْبه إذْ لَهُ أصل فِي السّنة لَكَانَ أولى).
وفي الفتاوى الفقهية الكبرى (4/ 245)(وَسُئِلْت: مَا حُكْمُ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ التَّدْرِيسِ وَفِي لَيَالِي رَمَضَانَ بَعْدَ الدُّعَاءِ عَقِبَ الْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ وَكَذَلِكَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَمَا الْأَرْحَامُ وَكَيْفَ كَيْفِيَّةُ صِلَتِهِمْ
(فَأَجَبْت: بِقَوْلِي الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ صَرَائِحُ السُّنَّةِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ تَلَاقٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ سُنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُصَافِحَ الْآخَرَ، وَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ -بِأَنْ ضَمَّهُمَا نَحْوُ مَجْلِسٍ، وَلَمْ يَتَفَرَّقَا-: لَا تُسَنُّ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُصَافَحَةِ الَّتِي تُفْعَلُ عَقِبَ الصَّلَاةِ -وَلَوْ يَوْمَ الْعِيدِ-، أَوْ الدَّرْسِ أَوْ غَيْرُهُمَا، بَلْ مَتَى وُجِدَ مِنْهُمَا تَلَاقٍ وَلَوْ بِحَيْلُولَةِ شَيْءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِحَيْثُ يَقْطَعُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ: سُنَّتْ، وَإِلَّا لَمْ تُسَنَّ.
نَعَمْ، التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ وَالشُّهُورِ: سُنَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا، وَاسْتَدَلَّ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَدْبِهَا نَدْبُ الْمُصَافَحَةِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهَا السَّابِقُ ...).
وجاء في الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة (2/ 644)(وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عيلة قَالَ دَخَلنَا على عمر بن عبد الْعَزِيز يَوْم الْعِيد وَالنَّاس يسلمُونَ عَلَيْهِ وَيَقُولُونَ تقبل الله منا ومنك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَيرد عَلَيْهِم وَلَا يُنكر عَلَيْهِم.
قَالَ بعض الْحفاظ الْفُقَهَاء من الْمُتَأَخِّرين: وَهَذَا أصل حسن للتهنئة بالعيد وَالْعَام والشهر انْتهى. وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِن عمر بن عبد الْعَزِيز كَانَ من أوعية الْعلم وَالدّين وأئمة الْهدى وَالْحق).