العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في توضيح التمييز في علم العلل للإمام مسلم رحمه الله.

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,656
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد... فهذا توضيح لكتاب التمييز للإمام مسلم الذي صنفه في علم العلل.
وقد قمت بحذف المقدمة وما يليها واقتصرت منهما على فوائد ووضحت المقصود في التصنيف وهو بيان الأحاديث التي أخطأ فيها الرواة فحافظت على كلام الإمام إلا أحرفا يسيرة.
والله أسأل أن ينفع به وأن يجعل أعمالنا صالحة ولوجهه الكريم خالصة وأن ييسر لي إكماله على خير.


"توضيح التمييز"

ترجمة مسلم صاحب الصحيح: هو الإمام مسلم بن الحجاج بن مسلم القُشيري النيسابوري ولد عام 206 هـ وتوفي عام 261 هـ رحمه الله.

"مقدمة"

  • سبب تأليف كتاب التمييز: هو أنه قد سُئل الإمام مسلم تأليف كتاب يجمع فيه من الأحاديث ما وهم في روايته بعض الرواة فصارت عند أهل العلم في عداد الغلط، وذلك لأنه قد وجد قوم ينكرون قول القائل من أهل العلم إذا قال هذا حديث خطأ وفلان يخطئ في روايته والصواب ما روى فلان، وينسبونه إلى اغتياب الصالحين وأنه مدع علم غيب لا يوصل إليه.
  • ما جاء في الخبر في الحث على حفظ الحديث وضبطه: قال الإمام مسلم: حدثنا محمد بن أبي عمر ثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نضّر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلّغها، فرب حامل فقه غير فقيه، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
  • قال الإمام مسلم: وقد اشترط النبي على سامع حديثه ومبلّغه -حين دعا له- أن يعيه ويحفظه ثم يؤديه كما سمعه فالمؤدي لذلك بالتوهم غير المتيقن مؤد على خلاف ما شرط النبي صلى الله عليه وسلم وغير داخل في جزيل ما يرجى من إجابة دعوته له والله أعلم.
  • وقال: حدثنا ابن نمير حدثنا أبو خالد الأحمر عن أبي مالك عن سعد بن عبيدة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بني الإسلام على خمس: على أن يوحّد الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحجّ. فقال رجل- لابن عمر-: الحجّ وصيام رمضان. فقال: لا صيام رمضان والحج هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • الناس متفاوتون في الحفظ فمنهم المتوقِّي المتقن لما حمل من علم، ومنهم من هو دونه في الحفظ والتساهل فيه، ومنهم المتوهِم فيه غير المتقن.
  • قال الإمام مسلم: حدثني محمد بن المثنى، قال: قال لي عبد الرحمن بن مهدي: يا أبا موسى أهل الكوفة يحدّثون عن كل أحد. قال: قلتُ يا أبا سعيد هم يقولون إنّك تحدث عن كل أحد، قال عمّن أحدّث؟ فذكرت له: محمد بن راشد المكحولي، فقال لي: احفظ عني: الناسُ ثلاثة: رجل حافظ متقن لا يختلف فيه، وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة فهو لا يترك، ولو ترك حديث هذا لذهب حديث الناس، وآخر الغالب على حديثه الوهم فهذا يترك حديثه.
  • أنواع خطأ الرواة:
  • 1- الخطأ في النسبة أو الاسم كأن ينسب الراوي رجلا مشهورا بنسب ما فينسبه إلى غير نسبته أو يسميه بغير اسمه.
  • مثال الأول: قول مالك بن أنس عن الزهري فقال: عن عبّاد وهو من ولد المغيرة بن شعبة، والصواب هو: عبّاد بن زياد بن أبي سفيان، فهذا نسبه عند أهل النسب.
  • ومثال الثاني: قول معمر بن راشد حيث حدث عن الزهري فقال: عن أبي الطفيل عمرو بن واثلة، والصواب: عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، لا عمرو.
  • 2- التصحيف في متن الحديث كما قال بعضهم في حديث: نهى رسول الله عن النجش؛ فصحفه إلى نهى رسول الله عن التحبير.
  • 3- مخالفة الرواة بعضهم لبعض بأن يروي نفر من حفاظ الناس حديثا عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة وهو متفقون على روايته في الإسناد والمتن فيأتي راو فيخالفهم في إسناده أو متنه فيعلم أن الصحيح من الروايتين ما حدّث به الجماعة من الحفاظ، دون الواحد المنفرد وإن كان حافظا، وعلى هذا المذهب-وهو تقديم رواية الجماعة- يحكم أهل العلم مثل شعبة وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من أئمة هذا العلم.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,656
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
الحديث العشرون: قال مسلم: ذكر خبر مستنكر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد أطبق الحفاظ على ضدِّ روايته عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم:

الحسن بن صالح عن فراس -بن يحيى الهمداني- عن عطية-بن سعد العوفي- عن ابن عمر قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر فصلى الظهر في الحضر أربعا وبعدها ركعتين والعصر أربعا وليس بعدها شيء والمغرب ثلاثا وبعدها ركعتين والعشاء أربعا وبعدها ركعتين، وصلى في السفر الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، والعصر ركعتين وليس بعدها شيء، والمغرب ثلاثا وبعدها ركعتين، والعشاء ركعتين وبعدها ركعتين.

ورواه ابن أبي ليلى عن عطية عن ابن عمر بهذا.



قال مسلم: ذكر الأسانيد الصحاح الثابتة التي تخالف رواية عطية:

حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثني عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه قال صحبت ابن عمر في طريق مكة قال فصلى لنا الظهر ركعتين قال فصلى لنا الظهر ركعتين ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلس وجلسنا معه فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى فرأى ناسا قياما فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون قال: لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي يا ابن أخي إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.

عن طلحة بن يحيى، عن عمه عيسى بن طلحة، قالك: صحبت ابن عمر في السفر، وكان لا يزيد على ركعتين، ويقوم بنوه وأصحابه يتطوعون، فقلت: ما لك لا تطوع؟ قال: إنما أصنع كما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصنع.

وعن ابن أبي ذئب، حدثني عثمان بن عبد الله بن سراقة قال : سمعت ابن عمر يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبلها ولا بعدها في السفر.

وعن ‌العلاء بن زهير قال: حدثنا ‌وبرة بن عبد الرحمن، قال: كان ‌ابن عمر لا يزيد في السفر على ركعتين، لا يصلي قبلها ولا بعدها، فقيل له: ما هذا؟ قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع.

وعن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع قال : كان ابن عمر لا يصوم في السفر ، ولا يزيد على ركعتين بالنهار ، وكان يحيي الليل.

قال مسلم: فهذه أسانيد صحاح كل واحدة منها ثابت على انفراده وهم جماعة منهم: حفص بن عاصم بن عمر، وعيسى بن طلحة بن عبيد الله، وعثمان بن عبد الله بن سراقة ووبرة بن عبد الرحمن حكوا ذلك عن ابن عمر ترك النبي صلى الله عليه وسلم السبحة في السفر قبل المكتوبة وبعدها ونافع حكى ترك ابن عمر ذلك.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,656
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
الحديث الحادي والعشرون: قال مسلم: ذكر رواية فاسدة بيّن خطؤها بخلاف الجماعة من الحفاظ:

قال مسلم: حدثني القاسم بن زكريا بن دينار ثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال: كان الناس يخرجون صدقة الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاع شعير أو تمر أو سلت أو زبيب، فلما كان عمر وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الاشياء. (الخطأ في متن هذا الحديث من جهتين: أولا: زيادة ذكر السلت والزبيب، والروايات الصحيحة عن ابن عمر ليس فيها ذكرهما وإنما فيها ذكر التمر والشعير فقط، والثاني: أن عمر هو الذي جعل نصف صاع من البر يقابل صاعا من تمر أو شعير، والذي جعل ذلك معاوية لا عمر فأخطأ في هذين الأمر عبد العزيز بن أبي رواد. قال الحميدي في مسنده: حدثنا سفيان، قال: ثنا أيوب، عن نافع ، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقة الفطر صاع من شعير، أو صاع من تمر. قال ابن عمر: فلما كان معاوية عدل الناس نصف صاع بر ، بصاع من شعير).

وسنذكر إن شاء الله من رواية أصحاب نافع بخلاف ما روى عبد العزيز.

حدثنا عبد الله بن مسلمة وقتيبة قالا ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير ..وساقه.

وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر.

وأيوب عن نافع.

والليث عن نافع.

والضحاك-بن عثمان- عن نافع.

وابن جريج قال أخبرني أيوب بن موسى عن نافع.

ومحمد بن إسحاق عن نافع.

هؤلاء الأجلة من أصحاب نافع قد أطبقوا على خلاف رواية ابن أبي روّاد في حديثه صدقة الفطر وهم سبعة نفر لم يذكر أحد منهم في الحديث السلت ولا الزبيب ولم يذكروا في الحديث غير أنه جعل مكان تلك الاشياء نصف صاع حنطة إنما قال أيوب السختياني وأيوب بن موسى والليث في حديثهم "فعدل الناس به بعدُ نصف صاع من بر" فقد عرف من عقل الحديث وأسباب الروايات حين يتابع هؤلاء من أصحاب نافع على خلاف ما روى ابن أبي رواد فلم يذكروا جميعا في الحديث إلا الشعير والتمر، والسلت والزبيب يحكى عن ابن عمر على غير صحة إذ كان ابن عمر لا يعطي في دهره بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا التمر إلا مرة أعوزه التمر فأعطى الشعير(قال البخاري: حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر وفيه: فكان ابن عمر رضي الله عنهما، يعطي التمر ، فأعوز أهل المدينة من التمر ، فأعطى شعيرا).
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,656
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
الحديث الثاني والعشرون قال مسلم: ذكر حديث منقول على الخطأ في الإسناد والمتن. قال مسلم: حدثنا إسحاق-هو ابن راهويه- أنا عبد الرزاق قال سمعت مالكا يقول وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق قَرنا. فقلت من حدثك هذا يا أبا عبد الله قال أخبرنيه نافع عن ابن عمر فحدثت به معمر-بن راشد- فقال قد رأيت أيوب دار مرة إلى قرن فأحرم منها (أي رأى أيوبا وهو عراقي بصريّ أحرم من قرن المنازل، هذا والمعروف أن قرن المنازل هو ميقات أهل نجد) قال عبد الرزاق وأخبرني بعض أهل المدينة أن مالكا بأخرة محاه من كتابه.

قال مسلم: ذكر الروايات التي فيها بيان خطأ هذه الرواية عن عبد الرزاق:

قال مسلم: ثنا يحيى بن يحيى- التميمي- قال قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن. قال عبد الله-وهو ابن عمر- وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم.

وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: لما فتح هذان المصران، أتوا عمر، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن رسول الله ﷺ حد لأهل نجد قرنا، وهو جور عن طريقنا، وإنا إن أردنا قرنا شق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقكم، فحد لهم ذات عرق.

والليث عن نافع.

ويحيى بن سعيد- الأنصاري- عن نافع.

وحجاج وابن عون والضحاك وابن جريج عن نافع.

وعبد الله بن دينار عن ابن عمر.

والزهري عن سالم.

وصدقة- بن يسار الجزري- عن ابن عمر.

وميمون بن مهران عن ابن عمر.

وعمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشأم الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرنا، فهن لهن ولمن أتى عليهن، من غير أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة ،فمن كان دونهن، فمن أهله حتى إن أهل مكة يهلون منها.

وابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس.

ومحمد بن علي عن ابن عباس.

وأبو الزبير عن جابر.

وعطاء عن جابر.

وابن جريج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم (مرسلا).

والقاسم عن عائشة.

فالثابت الصحيح من توقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرام المحرم ما في حديث ابن عمر، وابن عباس ذكر كل ذلك في روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم وزاد "فهي لهن ولمن أتى عليهن" بما في الحديث.

فالظاهر من هذا الكلام كله أنه مُسْتَرسل في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد يمكن أن تكون هذه الزيادة (فهي لهن ولمن أتى عليهن) من قول ابن عباس ليس منقولا في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وذكر الإمام مسلم كلاما كثيرا يدل على أن عبد الرزاق لم يحفظ وإن كان حفظ فلعل لسان مالك سبق لسانه مع كلام كثير.

ثم قال مسلم: والصحيح المحفوظ من توقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون ذلك ما حُفظ عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت قرنا لأهل نجد، هذا ما لا يحتمل التوهم على مالك.

وقد روى عبيد الله -كما ذكرنا من قبل- عن نافع عن ابن عمر حدّ لأهل العراق ذات عرق.

(وذكر مسلم ألفاظ كل رجل من هؤلاء المسمين بعد أن بين أن رواية عبد الزراق عن مالك خطأ غير محفوظ)

-قال الإمام مسلم- في الصحيح- حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا روح بن عبادة حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يُسأل عن المُهَلّ، فقال: سمعت: .. ثم انتهى، فقال أراه يعني النبي صلى الله عليه وسلم. (ثمَّ انْتهى أَي وقف عَن رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أرَاهُ بِضَم الْهمزَة أَي أَظُنهُ رفع الحَدِيث)

وحدثني محمد بن حاتم وعبد بن حمُيد كلاهما عن محمد بن بكر-قال عبد- أخبرنا محمد أخبرنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يسأل عن المهل فقال: سمعت أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة، ومهّل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم.

عن هشامُ بن بُهرام المدائنيُّ، حدَّثنا المعافى بن عمران، عن أفلح - يعنى ابنَ حميدٍ - عن القاسمِ بن محمَّدٍ، عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: وقَّت لأهل العراق ذاتَ عِرْق. (سنن أبي داود).

عن يزيد بن أبي زياد ، عن محمد بن علي ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق العقيق (سنن الترمذي، والعقيق موضع متقدم على ذات عرق في طريق العراقيين نحو مكة، قال البيهقي في سننه الصغرى: وبين العقيق وذات عرق يسير وقد استحب الشافعي الإحرام منه).

عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، وأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل الطائف قرنا.

قال مسلم: فأما الأحاديث التي ذكرناها من قبل أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل العراق ذات عرق فليس منها واحد يثبت.

وذلك أن ابن جريج قال في حديث أبي الزبير عن جابر (يريد أنه لم يتحقق رفعه). أو لعله يقصد العنعنة.

وأما رواية المعافي بن عمران عن أفلح عن القاسم عن عائشة فليس بمستفيض عن المعافي إنما رواه عنه هشام بن بهرام وهو شيخ من الشيوخ ولا يقر الحديث بمثله إذا تفرد. (قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: إن الشيوخ في اصطلاح أهل العلم عبارة عمن دون الأئمة الحفاظ، وقد يكون فيهم الثقة وغيره).

وأما حديث يزيد بن أبي زياد عن محمد بن علي عن ابن عباس.

فيزيد هو ممن قد اتقى حديثه الناس والاحتجاج بخبره إذا تفرد للذين اعتبروا عليه من سوء الحفظ في متون رواياته التى يرويها، ومحمد بن علي لا يعلم له سماع من ابن عباس ولا أنه لقيه أو رآه.

وأما رواية جعفر عن ميمون بن مهران عن ابن عمر فلم يحكم حفظه لأن فيه لأهل الطائف قرنا، وفي رواية سالم ونافع وابن دينار ولأهل نجد قرنا، وميزوا في رواياتهم لأهل اليمن أن ابن عمر لم يسمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية ميمون جعل لأهل المشرق ذات عرق، وسالم ونافع وابن دينار كل واحد منهم أولى بالصحيح عن ابن عمر من ميمون الذي لم يسمعه من ابن عمر.

قال مسلم: حدثني محمد بن علي بن شقيق قال سمعت أبي أنبا عبد الله بن المبارك ثنا يحيى بن بشر عن عكرمة- عن ابن عباس- قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة وغيرهم إذا أراد أن يحج أو يعتمر ألا يجاوز ذا الحليفة إلا حراما، ووقّت لأهل الشام الجحفة ومن مر بها من غيرهم أن لا يجاوزها إلا حراما إلا أن يحرم.. وساقه.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,656
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
الحديث الثالث والعشرون قال مسلم: ذكر حديث منقول على الخطأ في الإسناد

قال مسلم: حدثني محمد بن سهل بن عسكر حدثنا ابن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب عن إسماعيل بن أمية عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنه أهدي لهما طعام وهما صائمتان فأفطرتا عليه فسألت حفصة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت بنت عمر فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصوم يوما مكانه.

ثنا محمد بن سهل ثنا ابن أبي مريم قال وأخبرنا العمري حدثني ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت أصبحت أنا وحفصة..

ثنا محمد بن سهل ثنا ابن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب عن إسماعيل بن أمية عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.

وابن وهب عن حيوة-بن شريح- عن ابن الهاد- يزيد بن عبد الله- عن زميل مولى عروة عن عروة عن عائشة بمثله.

وابن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عروة عن عائشة.

أما حديث الزهري فقد أخطأ كل من قال: عن عروة عن عائشة وبيان ذلك في رواية ابن جريج.

قال مسلم: حدثني محمد بن حاتم ثنا محمد بن بكر ثنا ابن جريج قال قلت للزهري أخبرك عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أفطر في تطوع فليقضه قال لم أسمع من عروة في ذلك شيئا ولكن حدثني في خلافة سليمان بن عبد الملك ناس عن بعض من كان سأل عائشة أنها قالت أصبحت أنا وحفصة فذكر الحديث.

قال مسلم: فقد شفى ابن جريج في رواية الزهري هذا الحديث عن التصحيح فلا حاجة بأحد إلى التنقير عن حديث الزهري إلى أكثر مما أبان عنه ابن جريج من النقر والتنقير في جمع الحديث إلى مجهولين عن مجهول وذلك أنه قد قال له حدثني ناس عن بعض من كان سأل عائشة ففسد الحديث لفساد الإسناد.

وأما حديث زميل مولى عروة فزميل لا يعرف له ذكر شيء إلا في هذا الحديث فقط وذكره (أي مسلم) بالجرح والجهالة.

وأما حديث يحيى بن سعيد عن عروة عن عائشة فلم يسنده عن يحيى الا جرير بن حازم وجرير لم يعن في الرواية عن يحيى انما روى من حديثه نزرا ولا يكاد يأتي بها على التقويم والاستقامة وقد يكون من ثقات المحدثين من يضعف روايته عن بعض رجاله الذين حمل عنهم -للتثبيت يكون له في وقت وذكر قصة والدليل- على ما بينا من هذا اجتماع أهل الحديث ومن علمائهم على أن أثبت الناس في ثابت البناني حماد بن سلمة

وكذلك قال يحيى القطان ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم من أهل المعرفة وحماد لا يعد عندهم اذا حدث عن غير ثابت كحديثه عن قتادة وأيوب ويونس وداود بن أبي هند والجريري ويحيى بن سعيد وعمرو بن دينار وأشباههم فإنه يخطىء في حديثهم كثيرا وغير حماد في هؤلاء أثبت عندهم كحماد بن زيد وعبد الوارث ويزيد بن زريع وابن علية وعلى هذا المقال الذي وصفنا عن حماد في حسن حديثه وضبطه عن ثابت حتى صار أثبتهم فيه جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران ويزيد بن الاصم فهو أغلب الناس عليه والعلم بهما وبحديثهما ولو ذهبت تزن جعفرا في غير ميمون وابن الاصم وتعتبر حديثه عن غيرهما كالزهري وعمرو بن دينار وسائر الرجال لوجدته ضعيفا رديء الضبط والرواية عنهم.

واعلم رحمك الله أن صناعة الحديث ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم إنما هي لأهل الحديث خاصة لأنهم الحفاظ لروايات الناس العارفين بها دون غيرهم إذ الاصل الذي يعتمدون لأديانهم السنن والآثار المنقولة من عصر إلى عصر من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا فلا سبيل لمن نابذهم من الناس وخالفهم في المذهب الى معرفة الحديث ومعرفة الرجال من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار من نقال الأخبار وحمال الآثار.

وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويميزونهم حتى ينزلوهم منازلهم في التعديل والتجريح وإنما اقتصصنا هذا الكلام لكي نثبته لمن جهل مذهب أهل الحديث ممن يريد التعلم والتنبه على تثبيت الرجال وتضعيفهم فيعرف ما الشواهد عندهم والدلائل التي بها ثبتوا الناقل للخبر من نقله أو سقطوا من أسقطوا منهم والكلام في تفسير ذلك يكثر وقد شرحناه في مواضع غير هذا وبالله التوفيق في كل ما نؤم ونقصد.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,656
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
الحديث الرابع والعشرون قال مسلم: ذكر حديث آخر وهم مالك في إسناده:

قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عباد بن زياد وهو من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة أنه ذهب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته... وساقه.

قال مسلم: حدثنا أحمد بن جعفر المعقري حدثنا النضر بن محمد حدثنا أبو أويس أخبرني ابن شهاب أن عباد بن زياد بن أبي سفيان أخبره أن المغيرة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويونس-بن يزيد- عن ابن شهاب حدثنى عباد بن زياد-أن عروة بن المغيرة بن شعبة، أخبره أنه سمع أباه المغيرة-

والليث عن عقيل-بن خالد الأيلي- قال ابن شهاب أخبرني عباد بن زياد عن عروة- بن المغيرة وحمزة بن المغيرة أنهما سمعا المغيرة بن شعبة-

عبد الرزاق أنا ابن جريج عن ابن شهاب عن عباد-أن عروة بن المغيرة بن شعبة، أخبره أن المغيرة بن شعبة أخبره-

فالوهم من مالك في قوله: "عباد بن زياد من ولد المغيرة" وإنما هو عباد بن زياد بن أبي سفيان كما فسره أبو أويس في روايته.

والمحفوظ عندنا من رواية الزهري رواية ابن جريج لاقتصاصه الحديث عن الزهري عن عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن أبيه.


ثم فصل في آخر الحديث زيادة الزهري عن حمزة بن المغيرة.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,656
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
الحديث الخامس والعشرون قال مسلم: ذكر حديث وهم مالك بن أنس في إسناده:

قال مسلم حدثنا قتيبة حدثنا مالك عن هشام-بن عروة بن الزبير- عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ سورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة فقلت إذن والله كان يقوم حين يطلع الفجر قال أجل.

قال مسلم: فخالف أصحاب هشام مالكا في هذا الإسناد في هذا الحديث.

أبو أسامة عن هشام قال أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة قال صليت خلف عمر فقرأ سورة الحج وسورة يوسف قراءة بطيئة.

وكيع عن هشام أخبرني عبد الله بن عامر.

وحاتم عن هشام عن عبد الله بن عامر قال: صلى بنا عمر.

فهؤلاء عدة من أصحاب هشام كلهم قد أجمعوا في هذا الإسناد على خلاف مالك والصواب ما قالوا دون ما قال مالك. (فالصواب بإسقاط أبيه من الرواية).
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,656
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
ملحق1: قال مسلم: حدثنا الحلواني عن يعقوب بن إبراهيم عن أبي عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بلال قم فأذن في الناس، أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن.. الحديث.

قال الحلواني: قلنا ليعقوب: من عبد الرحمن بن المسيب؟ قال: كان لسعيد بن المسيب أخ يقال له عبد الرحمن، وكان رجل من بني كنانة يقال له عبد الرحمن بن المسيب أيضا، فأظن أن هذا هو الكناني.

قال مسلم: وهذا الذي قاله يعقوب ليس بشيء، وإنما هذا إسناد سقطت منه لفظة واحدة وهي الواو، ففحش خطؤه، والصواب عن الزهري: أخبرني عبد الرحمن وابن المسيب؛ فعبد الرحمن هو ابن عبد الله بن كعب بن مالك، وابن المسيب هو سعيد.

وكذلك رواه موسى بن عقبة وابن أخي الزهري-هو محمد بن عبد الله بن مسلم- عن الزهري والوهم فيه ممن دون صالح بن كيسان.
 
أعلى