المسألة الرابعة: المسح على الخف المخرق:
تحرير محل النزاع:
اتفق العلماء على جواز المسح على الخف الصحيح، والمخرق إذا كان الخرق في غير محل الفرض، كما لو كان فوق الكعب ([1])، أو كان الخرق في محل الفرض، ولكنه ينضم على الرجل فلا تبدو منه القدم ([2])، واختلفوا في الخف الذي به خرق يرى منه بعض محل الفرض ([3]).
سبب الخلاف:
السبب هو اختلافهم في علة المسح، وهل هو لأجل المشقة أو لموضع ستر الخفين، فمن رأى الأول أجاز المسح على الخف المخرق، ومن رأى الثاني لم يجز المسح على الخف المخرق ([4]).
الأقوال في هذه المسألة:
اختلف العلماء فيها على أربعة أقوال:
القول الأول: يجب الجمع بين الغسل والمسح، فيمسح ما استتر من القدم بالخف، ويغسل ما ظهر منها، سواء كان الخرق كبيراً أو صغيراً، وبه قال: الأوزاعي ([5])، والطبري ([6]).
القول الثاني: لا يجوز المسح عليه مطلقاً، سواء كان الخرق كبيراً أو صغيراً، أمكن متابعة المشي فيه أو لم يمكن، وبه قال: معمر بن راشد ([7])، والحسن بن حي ([8])، والشافعي في الجديد من قوليه ([9])، وأحمد في المشهور المعتمد عند أصحابه ([10]).
القول الثالث: يجوز المسح عليه مطلقاً، ولو كان الخرق كبيراً متفاحشاً ما دام يسمى خفاً، ويمكن متابعة المشي فيه، وبه قال: سفيان الثوري ([11])، وأبو ثور ([12])، وإسحاق بن راهويه ([13])، ويزيد بن هارون ([14])، والشافعي في القديم من قوليه([15])، وهو مذهب الظاهرية ([16])، واختيار ابن المنذر ([17]).
القول الرابع: التفريق بين الخرق اليسير والكبير، فأجازوا المسح على الأول دون الثاني مع اختلافهم في حد ذلك ([18])، وبه قال: الحسن البصري ([19])، وأبو حنيفة ([20])، ومالك ([21])، وهو اختيار ابن تيمية ([22])، وجده أبو البركات ([23]).
([1]) انظر: بداية المجتهد (1/18)، المغني (1/375)، المجموع (1/496)، شرح العمدة (1/250)، مجموع الفتاوى (21/213).
([2]) انظر: المغني (1/375)، المجموع (1/496)، شرح العمدة (1/252)، شرح الزركشي (1/402).
([3]) انظر: المصادر السابقة.
([4]) انظر: بداية المجتهد (1/18).
([5]) انظر: الأوسط (1/450)، المحلى (2/101)، المغني (1/375)، المجموع (1/497).
([6]) انظر: الاستذكار (2/252).
([7]) رواه عنه ابن عبد الرزاق (1/194) برقم 754، وانظر: الأوسط (1/449، 450)، المغني (1/375)، المجموع (1/496).
([8]) انظر: المحلى (2/101).
([9]) انظر: الحاوي الكبير (1/362، 363)، حلية العلماء (1/164)، المجموع (1/492).
([10]) انظر: المغني (1/375)، شرح العمدة (1/250-252)، الفروع (1/159)، شرح الزركشي (1/391، 392، 402)، الإنصاف (1/179، 181، 182).
([11]) رواه عنه عبد الرزاق (1/194)، برقم 753، والبيهقي (1/283)، وانظر: الأوسط (2/448).
([12]) انظر: الأوسط (1/449)، المحلى (2/100)، المجموع (1/497).
([13]) انظر: الأوسط (1/448)، المحلى (2/100)، المغني (1/375).
([14]) انظر: المصادر السابقة، ويزيد: هو ابن هارون بن زاذي، أبو خالد السلمي، مولاهم الواسطي، الحافظ، كان إماماً، ثقة، ثبتاً، واسع العلم، فقيه، عابد، ولد سنة (118هـ) ومات سنة (206هـ) بواسط. انظر: ترجمته في: طبقات الحفاظ (1/317) برقم (298)، شذرات الذهب (2/16).
([15]) انظر: الحاوي الكبير (1/362)، حلية العلماء (1/164)، المجموع (1/395، 396).
([16]) انظر: المحلى (2/100).
([17]) انظر: الأوسط (1/450).
([18]) انظر: مختصر الطحاوي: 22، الأوسط (1/450)، المجموع (1/479).
([19]) انظر: الأوسط (1/450)، المغني (1/375، 376)، المجموع (1/497).
([20]) انظر: مختصر الطحاوي: 22، المبسوط (1/100).
([21]) انظر: الإشراف (1/135)، الاستذكار (2/251)، بداية المجتهد (1/18).
([22]) انظر: (1/394).
([23]) انظر: شرح الزركشي (1/492).