هناك تقييد في الحديث سببه مناسبته والتي يفهم منها ان الصحابة راجعوا الرسول صلى الله عليه وسلم في البصل والثوم فخفف عنهم بالطبخ من قوله : مَن أَكَلَ مِن هاتينِ الشَّجَرتينِ الخَبيثَتينِ، فلا يَقربنَّ مَسجِدَنا، فإن كُنتُمْ لابُدَّ آكِليهِما، فأَميتوهُما طبخًا، والنهي اصله موجود في الحديث : مَنْ أَكَلَ ثُومًا، أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا وَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ :مَنْ أَكَلَ الثُّومَ، وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا تَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ، والفجل أيضا عند الطبراني : مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْخَضْرَاوَاتِ:
الثُّومِ، وَالْبَصَلِ، وَالْكُرَّاثِ، وَالْفِجْلِ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو أدَمَ .
وحتى في عهد عمر أيضا كان يقول
أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ قامَ يومَ الجمعةِ خطيبًا - أو خطبَ يومَ الجمعةِ - فحمِدَ اللَّهَ وأثنَى علَيهِ ، ثمَّ قالَ يا أيُّها النَّاسُ إنَّكم تأكلونَ شجرتَينِ لا أراهُما إلَّا خَبيثتَينِ هذا الثُّومُ وَهذا البصلُ ولقد كنتُ أرَى الرَّجلَ علَى عهدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يوجَدُ ريحُهُ منهُ فيؤخَذُ بيدِهِ حتَّى يُخرَجَ إلى البقيعِ فمَن كانَ آكلُها لا بُدَّ فلْيُمتْها طبخًا.
بمعنى ان الحديث لم يقتصر في حكمه على من اكل الثوم والبصل انما شمل غيره ، ولكن الرسول
خفف عن الصحابة هنا بالمطبوخ وهذا تقييد يخرجه عن النيء ، ويصلح الحديث لقياس غير الثوم والبصل أيضا ، مع ملاحظة ان
الفجل والكراث ومن في حكمها لم يخرج مثلما خرج الثوم والبصل المطبوخين، ولم يرد فيهما تخفيف أيضا بل الحكم فيها باق كما هو وهذه لا تطبخ عادة
------------
والتقييد للحديث بالنيء والقياس عليه يمكن ايراد ما يدل على كل واحد منهما ولكن في
الكتاب: تحرير الفتاوى على «التنبيه» و «المنهاج» و «الحاوي» المسمى (النكت على المختصرات الثلاث)
المؤلف: ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي الكُردي المِهْراني القاهري الشافعي (٧٦٢ هـ - ٨٢٦ هـ)
٦٩٨ - قول "المنهاج" [ص ١١٩]:
(ولكل ذي ريح كريهٍ) قيده في "المحرر" و"الحاوي" بكونه نيئًا (٢)؛ ليخرج المطبوخ، وحذفه "المنهاج" اعتمادًا على أن الطبخ يزيل رائحته، وذكره أحسن، فلا بد فيه من رائحة كريهة، لكنها اغتفرت؛ لقلتها، وشرط في "الروضة" تبعًا لأصله: ألَّا يمكنه إزالة الرائحة بغسل ومعالجة (٣)، قال في "المهمات": ومقتضاه: أن الإزالة إذا أمكنت بمشقة شديدة .. يؤمر بها ولا يعذر في التخلف، والقياس الموافق للقواعد خلافه، قال:
ويؤخذ منه سقوطها بالبخر والصنان المستحكم بطريق الأولى، قال: وفي الجذام والبرص نظر، والظاهر عدم السقوط.
جمع بينهما والغرض هنا بالتقييد ان يقيس عليه والقياس يسمح بدخول طعام اخر او اشخاص من ذوي المهن او ذوي الامراض
-------------------------
ولهذا صار لدى الشافعية معنى لقولهم : كل ذي ريح كريه ، فهو لا يقتصر على الطعام فقط
من حواشي الشرواني والعبادي في تحفة المحتاج
قبل هذا هنا سؤال عندي من حاشية العبادي حيث أورد حكما لمن اكل الثوم لكن جمع خارج المسجد
[حاشية ابن قاسم العبادي]
هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ أَعْذَارٌ فِي الْجُمُعَةِ أَيْضًا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ سُقُوطُهَا عَنْ آكِلِ ذِي الرِّيحِ الْكَرِيهِ، وَإِنْ لَزِمَ تَعَطُّلُ الْجُمُعَةِ بِأَنْ كَانَ تَمَامَ الْعَدَدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِنْ يُحْسِنُ الْخُطْبَةَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إلَخْ) وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ يُحْتَمَلُ الرِّيحُ الْبَاقِي بَعْدَ الطَّبْخِ مَحْمُولٌ عَلَى رِيحٍ يَسِيرٍ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ أَذًى شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِإِيذَائِهِ الْمَلَائِكَةَ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ غَيْرُ الْكَاتِبِينَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُفَارِقَانِهِ بَقِيَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَوْجُودُونَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمَسْجِدِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ تَضْيِيقٌ لَا يُحْتَمَلُ وَمَا مِنْ مَحَلٍّ إلَّا وَتُوجَدُ الْمَلَائِكَةُ فِيهِ وَأَيْضًا يُمْكِنُ الْمَلَائِكَةُ الْبُعْدَ عَنْهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ مُلَازَمَتَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ مَوْضِعُ الْجَمَاعَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ
من اين له دليل هذا القول والرسول صلى الله عليه وسلم نهيه عن دخول المسجد لا عن الصلاة خارجه
---------------------
من حاشية الشرواني
نجده ادخل بعض الأشخاص مثل القصاب بسبب ريحه والحداد مثله بسبب ريحه والميكانيكي أيضا الريح والملابس المتسخة بالزيت
[حاشية الشرواني]
فِي الْحَدِيثِ مِنْ الثُّومِ وَمَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: كُلِّ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَنْ بِثِيَابِهِ أَوْ بَدَنِهِ رِيحٌ كَرِيهٌ كَدَمِ فَصْدٍ وَقَصَّابٍ وَأَرْبَابِ الْحِرَفِ الْخَبِيثَةِ وَذِي الْبَخَرِ، وَالصُّنَانِ الْمُسْتَحْكِمِ، وَالْجِرَاحَاتِ الْمُنْتِنَةِ، وَالْمَجْذُومِ، وَالْأَبْرَصِ وَمَنْ دَاوَى جُرْحَهُ بِنَحْوِ ثُومٍ؛ لِأَنَّ التَّأَذِّي بِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْهُ بِأَكْلِ نَحْوِ الثُّومِ وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ مَنْعَ الْأَجْذَمِ، وَالْأَبْرَصِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَمِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالنَّاسِ. . اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ رِيحٍ كَرِيهٍ وَمِنْ الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ رِيحُ الدُّخَّانِ الْمَشْهُورِ الْآنَ جَعَلَ اللَّهُ عَاقِبَتَهُ كَأَنَّهُ مَا كَانَ. اهـ.
--------------------------
فكما ترى هذا الحديث يمكن القياس عليه والأخذ منه