رد: ما حكم نكاح الرجل ابنة مطلقته من زوج لاحق ؟
السلام عليكم ورحمة الله
أحسن الله إليك
أقول ابتداءً القول بتقييد الحكم بالبنات اللاتي في الحجور ، هو قوي من جهة الظاهر، وإنما أذهب إلى مذهب الجمهور لأمرين : الأول ، ما سأبديه في مشاركتي هذه.
والثاني : أني أجبن عن مخالفتهم في هذا الشأن من غير تمام اقتناع. وهذا السبب الثاني إنما برز عندي بعد اطلاعي على كلامكم وتأثيره في تأثيراً ما.
وأقول :
لا خلاف ـ أعلمه ـ أن سبب تحريم المذكورات علاقة النسب ، لذا جاء في الحديث (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) فالنسب وصف تعلق به الحكم ، لذا كان إلغاء مفهوم قوله سبحانه {الاتي في حجوركم} لا يلغي الحكم في غيرهن لبقاء الوصف الذي يتعلق به الحكم هو علاقة النسب بين البنت وأمها.
بخلافه في الغنم السائمة ، فإنا لا نعلم في كون الغنم غنماً معنى يُعَلَّقُ عليه الحكم حتى نعديه به ، مع علمنا أن في السوم معنى يمكن قصر الحكم عليه ، فلو لم نقل به بقينا على التوقيف حتى يدل دليل على التعدية.
إلا أن تقولوا : لا نسلم أن النسب في الآية علة مؤثرة ، فنرده بقياسه على باقي المذكورات.
فإن قلتم : سلمناه ، ولكنه جزء علة لا علة تامة.
قلنا : هذا يصح لو قلنا أن قوله {اللاتي في حجوركم} خرج لقصر الحكم على الوصف ، ونحن نمنعه بأن
نقول : بل خرج على وفق الغالب لا لقصر الحكم ، فلم تبقَ علة سوى النسب ، فنعديها.
فبان أن قولنا سابقاً [لا تقييد حتى يكون الوصف قيداً ، فإن ألغينا مفهومه بطل كونه قيداً]
باقٍ على حاله.
وقوله صلى الله عليه وسلم (فلا تعرضوا علي بناتكن ولا أخواتكن) نعم ما ذكرتموه احتمال قوي ، بل هو الظاهر في قوله (ولا أخواتكن) والاقتران يشير إلى أنه مراد في الجميع ، لكن اللفظ أعم ويجوز تعليل كل واحدة من المذكورات بسبب يخصها ، ويدل على أن العلة في (بناتكن) غيرها في (أخواتكم) ترتيبه صلى الله عليه وسلم النهي بالفاء على بيانه السابق وهو قوله (لو لم تكن ربيبتي في حجري ، ... فلا).
ومع ذلك يبقى لقولكم وجه وجيه يضعف مع الاستدلال بالحديث ، لكن أرجو أنه لا يلغيه.
وتمثيلنا بالغائط أردنا به الإشاعة كما صرحتُ به ، وكما ذكرتموه.
وشيوعه في الربيبة يدل عليه أثر مالك بن أوس ، فإنه فهم منه ذلك.
وحمل كلامه على خطأ الفهم والغفلة عن القيد ، خلاف الأصل.
بل في الرواية ما يبعده ، فإن علي رضي الله عنه سأله أولاً : (لَهَا ابْنَةٌ قُلْتُ: نَعَمْ وَهِيَ بِالطَّائِفِ. قَالَ: كَانَتْ فِي حِجْرِكَ؟ قُلْتُ: لَا هِيَ بِالطَّائِفِ) ثم لما أمره بنكاحها ، استدل مالك بالآية ، بعد التنبيه على كونها إبنة زوجته ، وأنها لم تكن في حجره.
وبفهمه قال بعض التابعين ، ولا أعلم صحته.
فنضم إليه ما ذكرتم من قياس.
والله سبحانه أعلم