رد: فقه المواطنة: إيثار الوحدوي على الفئوي
السلام عليكم ورحمة الله
أخوتي الكرام ,
أود أن آخذ الموضوع من زاوية أخرى لعلها تفيدنا لمعرفة الواقع أولاً ومن ثم الحكم , فنحن لا نتحدث ضرباً من الخيال , وإنما نحن نعيش في واقع الأمة المتآكلة من الشرق والغرب , واقع يحتم علينا أولاً أن نكون يقظين دائما لمحاولة طمس حضارتنا الممتد عبر أكثر من 14 قرن .
المواطنة يعني : العلاقة القانونية بين الفرد والدولة , وهذه العلاقة مبنية على نظام الحكم , وإذا اسلاميا فهو مبني على العقيدة , وما دام كذلك فيجب على الفرد الالتزام بهذا النظام .
والواقع اليوم : يظهر أن القانون يطبق على الجميع في الدولة , بغض النظر عن الأديان , والأقليات (نتاج طبيعي للرأسمالية ) والأفراد ممن يحملون الأفكار المتباينة الكل مطبق عليه نفس الدستور , لا فرق بينهم , وهذا الواقع فيه مخالفة صريحة للكتاب والسنة , إذا أنت تساوي بين العلماني والإسلامي , وبين معتقد الدين واللادين , فأني ذلك !
والمتتبع لظهور هذا المصطلح نجده يراد منه دمج المسلم في المجتمع الغربي لإخفاء هويته , وكذلك مساواة النصراني بالمسلم في جميع الأحكام .
وفيه ارتكاب لمخالفات شرعية : ومنها
1- الحاكم في الإسلام : لابد أن يكون مسلماً : فالكافر يمنع من تقلد أي منصب في الحكم " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" الأية .
2- الملحد ليس مواطن في الدولة ,بل كافر , وتجري عليه أحكام الردة , مع مراعاة أحكام السياسية الشرعية , فلا وزن له ولا قيمة .
3- اليهودي والنصراني إذا كانوا من رعايا الدولة يعاملون كالمسلمين بإستناء أجكام معينة , ولهم تطبيق أحكامهم في الزواج والطلاق و..
الخلاصة هم ليسوا كالمسلمين ,
الحكم الشرعي الواجب معرفته : كيف عاملت الدولة هؤلاء , وكلنا متفق على حكم الله ورسوله وخاصة الدستور الأول للمسلمين المقنن في المدينة .
يقول الله تعالى: ﴿ إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾، ويقول تعالى: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾. لقد جعل الله الرابطة التي تربط المسلمين بعضهم ببعض في مشارق الأرض ومغاربها هي رابطة الإيمان المتجسدة في الأمة الواحدة، وليست رابطة المواطنة القائمة على أساس الوطن، فالأمة هي الجماعة من الناس المجتمعة على دين واحد، فإذا غاب المشترك الإيماني لم تكن جماعة الناس في ميزان الإسلام أمة.
وفي وثيقة المدينة التي كتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي الأمِّيِّ، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس». فالضابط في ذلك كله ليس القبيلة وليس اللغة وليس الجنس، وإنما هو الإسلام والإيمان اللذان يشترك فيهما أهل قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم.
وفي النصوص الشرعية صريحة تعلي رابطة الإيمان وتجعلها فوق الروابط جميعها، كرابطة الأبوة والبنوة والأخوة والزوجية، والعشيرة والمال والتجارة والمساكن والأوطان، لكن لا ينبغي أن تقدَّم رابطة من تلك الروابط على رابطة الدين وحب الله ورسوله والجهاد في سبيله، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾. وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾، وهو خطاب للمسلمين على امتداد الزمان والمكان، ليكونوا ا أمة متميزة على أساس العقيدة.