د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
لِمَ لمْ تنشب خصومة بين الأندلسيين: ابن حزم المتفرد وابن عبد البر الجمهوري؟ بل كانا صديقين!
(من كتاب منجنيق الغرب ص 46 إلى ص 50)
ومما يباري ما سبق: أنَّ بلديَّه القرطبي ابن عبد البر كان قد اشتد غضبه على ابن حزم في بعض كتبه، حتى عقَّبَ مُعَرِّضًا به «لا يكون إمامًا مَنْ أخذ بالشَّاذِ مِنَ العلم» «الاستذكار» (1/61).(من كتاب منجنيق الغرب ص 46 إلى ص 50)
إلَّا أنا نجد بإزاء هذا: الثناءَ العاطر مِن ابن حزم على ابن عبد البر، بل وعلى خصوص كتابيه «التمهيد» و«الاستذكار»، اللذين فيهما وَقَعَ التعريض به، فيصفهما ابن حزم بأحسن ما يكون، فيقول مثلًا في سياق تفاخره بأهل الأندلس:
«ومنها: كتاب التمهيد لصاحبنا أبي عمر يوسف بن عبد البر، وهو الآن بعدُ في الحياة لم يبلغ سِنَّ الشيخوخة، وهو كتابٌ لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثلَه أصلًا؛ فكيف أحسن منه؟
ومنها: كتاب الاستذكار، وهو اختصار التمهيد المذكور.
ولصاحبنا أبي عمر بن عبد البر المذكور كتبٌ لا مثيل لها: منها كتابه المسمَّى بالكافي في الفقه على مذهب مالك وأصحابه، خمسة عشر كتابًا اقتصر فيه على ما بالمفتي الحاجة إليه، وبَوَّبَه وقَرَّبَه، فصار مُغنيًا عن التصنيفات الطِّوال في معناه، ومنها كتابه في الصحابة ليس لأحد مِنَ المتقدِّمين مثله على كثرة ما صنَّفوا في ذلك ..» «نفح الطيب» (3/169).
ومِنْ ثنائه عليه قوله في رسالته في «أصحاب الفتيا»: «وممن أدركنا ممن جرى على سنن مَنْ تقدم ممن ذكرنا:
1- مسعود بن سليمان بن تغلب أبو الخيار.
2- يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري.
فهؤلاء: أهل الاجتهاد مِنْ أهل العناية والتوفر على طلب علم أحكام القرآن، وفقه كلام رسول الله خ، وإجماع العلماء واختلافهم، والاحتياط لأنفسهم فيما يدينون به ربهم تعالى، وقلما فاتنا مِنْ أهل هذه الصفة أحد، والحمد لله رب العالمين» «أصحاب الفتيا» الملحقة بطبعة كتاب «جوامع السيرة» ص335.
وكذلك، فقد أثنى ابن عبد البر على ابن حزم: فإنه لما طُلِبَ منه تأمل رسالة ابن حزم في الغناء، وأُعطيَ لذلك نسخة منها، ومكثت النسخة عنده أيامًا، ثم قيل له: ما صنعتَ في النسخة فقال: وجدتُها فلم أجد ما أزيد فيها وما أنقص. «رسائل ابن حزم» (1/439).
وقد وقعت بينهما قصة طريفة: فقد نقل المقري في «نفح الطيب» أن ابن حزم مرَّ يومًا هو وابن عبد البر بسكة الحطابين مِنْ مدينة إشبيلية، فارتجل ابنُ حزم أبياتًا مطلعها:
وذي عذل فيمن سباني حسنه | يطيل ملامي في الهوى ويقول: |