مساعد أحمد الصبحي
:: مطـًـلع ::
- إنضم
- 2 أكتوبر 2010
- المشاركات
- 143
- الكنية
- أبو سعود
- التخصص
- عقيدة
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- حنبلي
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع في باب شروط القصاص عند شرط عدم الولادة :
" ...والدليل الحديث المشهور: «لا يقتل والد بولده» (1) هذا من الأثر، ومن النظر أن الوالد سببٌ في إيجاد الولد، فلا ينبغي أن يكون الولد سبباً في إعدامه.
ولننظر في هذه الأدلة، أما الحديث فقد ضعفه كثير من أهل العلم، فلا يقاوم العمومات الدالة على وجوب القصاص، وأما تعليلهم النظري فالجواب عنه أن الابن ليس هو السبب في إعدام أبيه، بل الوالد هو السبب في إعدام نفسه بفعله جناية القتل.
والصواب: أنه يقتل بالولد، والإمام مالك ـ رحمه الله ـ اختار ذلك، إلاّ أنه قيده بما إذا كان عمداً، لا شبهة فيه إطلاقاً،بأن جاء بالولد وأضجعه وأخذ سكيناً وذبحه، فهذا أمر لا يتطرق إليه الاحتمال، بخلاف ما إذا كان الأمر يتطرق إليه الاحتمال فإنه لا يقتص منه، قال: لأن قتل الوالد ولده أمر بعيد، فلا يمكن أن نقتص منه إلاّ إذا علمنا علم اليقين أنه أراد قتله.
والراجح في هذه المسألة: أن الوالد يقتل بالولد، والأدلة التي استدلوا بها ضعيفة لا تقاوم النصوص الصحيحة الصريحة الدالة على العموم..."
وكنت أرى رأي ابن عثيمين حتى اطلعت بعد فترة على مقال للشيخ الألباني فتذكرت مقولة الإمام الشافعي أن من كتب الحديث قويت حجته !
وهذا رابط المقال: http://www.mahaja.com/showthread.php?3043
وهذه اقتباسات قوية منه: "... فهذه طرق خمسة لا يشك الواقف عليها في ثبوت الحديث مرفوعًا من طريق عمر وحده ولهذا قال الجصاص عقب الطريق الأولى :( وهذا خبر مستفيض مشهور وقد حكم به عمر بن الخطاب بحضرة الصحابة من غير خلاف من واحد منهم عليه فكان بمنزلة قوله : ( لا وصية لوارث ) ونحوه في لزوم الحكم به وكان في خبر المستفيض المتواتر ) ..."
"... فتبين أن الحديث عن ابن عباس صحيح أيضًا لكن من غير طريق الترمذي وفي هذا إشارة أيضًا إلى ما أشرت إليه آنفًا وإلى أن مجال الاستدراك على المتقدمين واسع إذ أنك رأيت أن الترمذي قال :لا يعرف هذا الحديث إلا من طريق إسماعيل بن مسلم الضعيف مع أن غيره قد رواه وعرفه من طريق أخرى صحيحة .
وخلاصة القول :
إن حديث ابن عباس هذا بمتابعاته إذا ضم إلى حديث عمر بطرقه الخمسة فلا شك في إفادة ذلك صحة الحديث صحة لا يدخلها شك ولا ريب
فلا جرم أن عمل به جماهير من العلماء من الصحابة والتابعين وغيرهم ، كما في سبل السلام ، وغيره
وصححه ابن الجارود كما قال الحافظ في " بلوغ المرام "
وأجاز العمل به شيخ الإسلام بن تيمية – رحمه الله تعالى – وفي ذلك إشارة منه إلى تصحيحه للحديث وهو من هو في التحقيق ، كما لا يخفى على العارفين به
وكذلك قواه من محققي المتأخرين العلامة صديق حسن خان وقال بعد ذلك في " الروضة الندية " (2/302) : ( وقد أجمع أهل العلم على ذلك لم يخالف فيه إلا البني ، ورواية عن مالك ) ...."
"... وإذ قد علمت أن الحديث صحيح – يتبين لك أن تمسك الأستاذ محمود شلتوت فيما رجحه (شخصيًا!) من قتل الوالد بالولد – بعموم الآيات – ضعيف لا حجة فيه لأن النص الخاص يقضي على العام كما تقرر في الأصول ومن هذا القبيل قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقتل مسلم بكافر )
فهذا الحديث ، والحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه من المخصصات لتلك العمومات .
و ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد )..."
ناصر الدين الألباني
أبو عبد الرحمن
دمشق 17/2/1374هـ
مقالات الألباني
(تنشر مجموعة لأول مرة)
جمعها : نور الدين طالب
دار أطلس للنشر والتوزيع
(ص : 97 – 104 )
قلت أنا مساعد الصبحي:
ولو سلمنا بضعفه وأن جميع طرقه ضعيفة ،فأين نذهب من قول الترمذي : أن عليه العمل عند أهل العلم . وفي هذا دليل على ثبوته عند العلماء المتقدمين حيث لم يخص فئة دون غيرها بالعمل به بل أطلق العمل به على عامة أهل العلم مما يدل على أن له أصلا أصيلا راسخا ! وما آفه الأخبار إلا رواتها .
وراجع المغني لابن قدامة لمعرفة من عمل بهذا الحديث من أهل العلم .
وقد بقيت مدة أجتهد وأنظر وأعتصر ذهني اعتصارا شاقا حتى وصلت والحمد لله إلى الحكمة والعلة في عدم اقتياد الوالد بولده وأن القياس والنظر الصحيح موافقان تمام الموافقة للحديث الذي أثبت الشيخ الأباني صحته إثباتا قويا واضحا
وهذه عصارة ذهني ونظري :
قوله تعالى ((( قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا مارزقهم الله افتراءً على الله )))
سياق هذه الآية مشعر بأن للأب نوع تملك في ابنه
فالله يعيب عليهم تفريطهم بهذه النعمة التي رزقهم إياها فلو كان عقابه القتل والاقتصاص منه لكان هذا كافيا في الزجر والتدليل على قبح هذا الفعل بل لكانت دلالته على قبح هذا الفعل أعظم حيث جعل الحكيم العليم جزاءه القتل من غير اعتبار لأبوته له وأنه هو الأصل وذاك الفرع وما وُجِد إلا به وعنه ومنه !
وقوله تعالى ((( ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق ... ))) الآية يُشعر سياقها ترجيح صحة حديث (( لا يقاد والد بولده))
يُشعرك بذلك الترغيب في عدم فعله بقوله تعالى (( نحن نرزقهم وإياكم ))
وقوله صلى الله عليه وسلم ((( أنت ومالك لأبيك )))
فهذا يتضمن نوع تملك لهذه النعمة ولكن ليس ملكا تاما فإزهاقه لهذه الروح قطعا محرم وكبيرة ولكن لا يكون أبدا بمنزلة إزهاق روح ليس له فيها حق ! وأي حق -بعد حق الله- أعظم من حق الوالد في ولده ! ويتجلى هذا في كثير مما أُلِزم به العبد تجاه والديه ... إلى درجة أن خدمتهما ورضاهما مقدم على الجهاد لإعلاء كلمة الله في الأرض !
ومن الأوجه : أن الوالد لا يكاد يقتل ولده إلا وهو معذور في ذلك ... فإذا اختار الوالد إزهاق ثمرة فؤاده وفلذة كبده فهل يظن أحد أن هذا الأمر تم هكذا اعتباطا ! إنه من المستحيل أن يقتل الأب ابنه إلا من بأس ديني أو دنيوي في أحدهما
فإما أن يكون الابن قد أهان أباه وأذله بماله أو بجاهه وهل يُنتقم لمثل هذا الابن !
أو أن الابن فاجر فاسق حتى خشي الأب على بناته منه وظن أنهن لن يسلمن من أذاه ! وإذا كنا نسمع كثيرا بآباء يعضلون بناتهم من أجل رواتبهم الشهرية فكيف إذا كان هذا أخا لا أبا !
وإما أن الأب مريض نفسيا أو يعاني من حالات هلوسة أو هستيريا -وهذا هو الغالب وخاصة إذا كان ولده الذي قتله صغيرا لم يبلغ الحلم- فيكون عمده حينئذ خطأً كالحال في غير المكلف من صبي أو مجنون ...
وقد أطلعني أحد الاخوة منذ فترة على مقطع من اليوتيوب وأنا أضعه هنا لعله يوضح المقصود:
ولا يُستبعد أن يُوجد في بلاد المسلمين ذات أعلى نسبة أمية في العالم من الجهلة من يظن جواز ذلك وأنه يملك ذلك كما يملك ذبح شاته وبعيره .. لشبهة المِلك فيه
وأخيرا فإنه لابد أن يُعاقب مرتكب ذلك الجرم عقوبة تردع وتزجر كل من يهم بهذا الأمر ولكن دون القتل بحسب مايراه الحاكم وفق الضوابط الشرعية المعروفة في باب التعزير ... والله تعالى أعلم
" ...والدليل الحديث المشهور: «لا يقتل والد بولده» (1) هذا من الأثر، ومن النظر أن الوالد سببٌ في إيجاد الولد، فلا ينبغي أن يكون الولد سبباً في إعدامه.
ولننظر في هذه الأدلة، أما الحديث فقد ضعفه كثير من أهل العلم، فلا يقاوم العمومات الدالة على وجوب القصاص، وأما تعليلهم النظري فالجواب عنه أن الابن ليس هو السبب في إعدام أبيه، بل الوالد هو السبب في إعدام نفسه بفعله جناية القتل.
والصواب: أنه يقتل بالولد، والإمام مالك ـ رحمه الله ـ اختار ذلك، إلاّ أنه قيده بما إذا كان عمداً، لا شبهة فيه إطلاقاً،بأن جاء بالولد وأضجعه وأخذ سكيناً وذبحه، فهذا أمر لا يتطرق إليه الاحتمال، بخلاف ما إذا كان الأمر يتطرق إليه الاحتمال فإنه لا يقتص منه، قال: لأن قتل الوالد ولده أمر بعيد، فلا يمكن أن نقتص منه إلاّ إذا علمنا علم اليقين أنه أراد قتله.
والراجح في هذه المسألة: أن الوالد يقتل بالولد، والأدلة التي استدلوا بها ضعيفة لا تقاوم النصوص الصحيحة الصريحة الدالة على العموم..."
وكنت أرى رأي ابن عثيمين حتى اطلعت بعد فترة على مقال للشيخ الألباني فتذكرت مقولة الإمام الشافعي أن من كتب الحديث قويت حجته !
وهذا رابط المقال: http://www.mahaja.com/showthread.php?3043
وهذه اقتباسات قوية منه: "... فهذه طرق خمسة لا يشك الواقف عليها في ثبوت الحديث مرفوعًا من طريق عمر وحده ولهذا قال الجصاص عقب الطريق الأولى :( وهذا خبر مستفيض مشهور وقد حكم به عمر بن الخطاب بحضرة الصحابة من غير خلاف من واحد منهم عليه فكان بمنزلة قوله : ( لا وصية لوارث ) ونحوه في لزوم الحكم به وكان في خبر المستفيض المتواتر ) ..."
"... فتبين أن الحديث عن ابن عباس صحيح أيضًا لكن من غير طريق الترمذي وفي هذا إشارة أيضًا إلى ما أشرت إليه آنفًا وإلى أن مجال الاستدراك على المتقدمين واسع إذ أنك رأيت أن الترمذي قال :لا يعرف هذا الحديث إلا من طريق إسماعيل بن مسلم الضعيف مع أن غيره قد رواه وعرفه من طريق أخرى صحيحة .
وخلاصة القول :
إن حديث ابن عباس هذا بمتابعاته إذا ضم إلى حديث عمر بطرقه الخمسة فلا شك في إفادة ذلك صحة الحديث صحة لا يدخلها شك ولا ريب
فلا جرم أن عمل به جماهير من العلماء من الصحابة والتابعين وغيرهم ، كما في سبل السلام ، وغيره
وصححه ابن الجارود كما قال الحافظ في " بلوغ المرام "
وأجاز العمل به شيخ الإسلام بن تيمية – رحمه الله تعالى – وفي ذلك إشارة منه إلى تصحيحه للحديث وهو من هو في التحقيق ، كما لا يخفى على العارفين به
وكذلك قواه من محققي المتأخرين العلامة صديق حسن خان وقال بعد ذلك في " الروضة الندية " (2/302) : ( وقد أجمع أهل العلم على ذلك لم يخالف فيه إلا البني ، ورواية عن مالك ) ...."
"... وإذ قد علمت أن الحديث صحيح – يتبين لك أن تمسك الأستاذ محمود شلتوت فيما رجحه (شخصيًا!) من قتل الوالد بالولد – بعموم الآيات – ضعيف لا حجة فيه لأن النص الخاص يقضي على العام كما تقرر في الأصول ومن هذا القبيل قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقتل مسلم بكافر )
فهذا الحديث ، والحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه من المخصصات لتلك العمومات .
و ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد )..."
ناصر الدين الألباني
أبو عبد الرحمن
دمشق 17/2/1374هـ
مقالات الألباني
(تنشر مجموعة لأول مرة)
جمعها : نور الدين طالب
دار أطلس للنشر والتوزيع
(ص : 97 – 104 )
قلت أنا مساعد الصبحي:
ولو سلمنا بضعفه وأن جميع طرقه ضعيفة ،فأين نذهب من قول الترمذي : أن عليه العمل عند أهل العلم . وفي هذا دليل على ثبوته عند العلماء المتقدمين حيث لم يخص فئة دون غيرها بالعمل به بل أطلق العمل به على عامة أهل العلم مما يدل على أن له أصلا أصيلا راسخا ! وما آفه الأخبار إلا رواتها .
وراجع المغني لابن قدامة لمعرفة من عمل بهذا الحديث من أهل العلم .
وقد بقيت مدة أجتهد وأنظر وأعتصر ذهني اعتصارا شاقا حتى وصلت والحمد لله إلى الحكمة والعلة في عدم اقتياد الوالد بولده وأن القياس والنظر الصحيح موافقان تمام الموافقة للحديث الذي أثبت الشيخ الأباني صحته إثباتا قويا واضحا
وهذه عصارة ذهني ونظري :
قوله تعالى ((( قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا مارزقهم الله افتراءً على الله )))
سياق هذه الآية مشعر بأن للأب نوع تملك في ابنه
فالله يعيب عليهم تفريطهم بهذه النعمة التي رزقهم إياها فلو كان عقابه القتل والاقتصاص منه لكان هذا كافيا في الزجر والتدليل على قبح هذا الفعل بل لكانت دلالته على قبح هذا الفعل أعظم حيث جعل الحكيم العليم جزاءه القتل من غير اعتبار لأبوته له وأنه هو الأصل وذاك الفرع وما وُجِد إلا به وعنه ومنه !
وقوله تعالى ((( ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق ... ))) الآية يُشعر سياقها ترجيح صحة حديث (( لا يقاد والد بولده))
يُشعرك بذلك الترغيب في عدم فعله بقوله تعالى (( نحن نرزقهم وإياكم ))
وقوله صلى الله عليه وسلم ((( أنت ومالك لأبيك )))
فهذا يتضمن نوع تملك لهذه النعمة ولكن ليس ملكا تاما فإزهاقه لهذه الروح قطعا محرم وكبيرة ولكن لا يكون أبدا بمنزلة إزهاق روح ليس له فيها حق ! وأي حق -بعد حق الله- أعظم من حق الوالد في ولده ! ويتجلى هذا في كثير مما أُلِزم به العبد تجاه والديه ... إلى درجة أن خدمتهما ورضاهما مقدم على الجهاد لإعلاء كلمة الله في الأرض !
ومن الأوجه : أن الوالد لا يكاد يقتل ولده إلا وهو معذور في ذلك ... فإذا اختار الوالد إزهاق ثمرة فؤاده وفلذة كبده فهل يظن أحد أن هذا الأمر تم هكذا اعتباطا ! إنه من المستحيل أن يقتل الأب ابنه إلا من بأس ديني أو دنيوي في أحدهما
فإما أن يكون الابن قد أهان أباه وأذله بماله أو بجاهه وهل يُنتقم لمثل هذا الابن !
أو أن الابن فاجر فاسق حتى خشي الأب على بناته منه وظن أنهن لن يسلمن من أذاه ! وإذا كنا نسمع كثيرا بآباء يعضلون بناتهم من أجل رواتبهم الشهرية فكيف إذا كان هذا أخا لا أبا !
وإما أن الأب مريض نفسيا أو يعاني من حالات هلوسة أو هستيريا -وهذا هو الغالب وخاصة إذا كان ولده الذي قتله صغيرا لم يبلغ الحلم- فيكون عمده حينئذ خطأً كالحال في غير المكلف من صبي أو مجنون ...
وقد أطلعني أحد الاخوة منذ فترة على مقطع من اليوتيوب وأنا أضعه هنا لعله يوضح المقصود:
ولا يُستبعد أن يُوجد في بلاد المسلمين ذات أعلى نسبة أمية في العالم من الجهلة من يظن جواز ذلك وأنه يملك ذلك كما يملك ذبح شاته وبعيره .. لشبهة المِلك فيه
وأخيرا فإنه لابد أن يُعاقب مرتكب ذلك الجرم عقوبة تردع وتزجر كل من يهم بهذا الأمر ولكن دون القتل بحسب مايراه الحاكم وفق الضوابط الشرعية المعروفة في باب التعزير ... والله تعالى أعلم