العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم التصوير

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
حكم التصوير
أولا: يجب التنبيه إلى ورود أحاديث كثيرة في النهي عن التصوير، فينبغي تركه قدر الاستطاعة.

ثانيا: حكمه:
سأحاول أن ألخص حكمه عند أئمة الشافعية وأشير إلى الخلاف فيه:
حكم فعله:
اتفقوا على تحريم: فِعْل التَّصْوِيرِ لِذِي الرُّوحِ مُطْلَقًا، وأنه من الكبائر.

سَوَاءٌ صَنَعَهُ لِمَا يُمْتَهَنُ أَوْ لِغَيْرِهِ؛ إذْ فِيهِ مُضَاهَاةٌ لِخَلْقِ اللَّهِ.

وسواء كان على بسَاط أو حجر أو ثوب أو وسادة أو مِخَدَّة –ولو نسجا- أو دينارٍ أو درهم أَوْ فَلْسٍ أَوْ إنَاءٍ أَوْ حَائِطٍ وغير ذلك، ولو على أرض، وَإِنْ تُسُومِحَ بِدَوْسِ مُصَوَّرٍ.

وَلَا فرق بين أن يكون له نظير أو لَا نَظِيرَ لَهَا كَفَرَسٍ لَهَا أَجْنِحَةٌ، أو إِنْسَانٍ لَهُ جَنَاحٌ، أو بَقَرٍ لَهُ مِنْقَارٌ أَوْ جَنَاحٌ.

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا لَهُ ظِلٌّ، وَمَا لَا ظِلَّ لَهُ. قال الرملي: (ولو مِنْ طِينٍ، أَوْ حَلَاوَةٍ، لكن يَصِحُّ بَيْعُهَا. وَلَا يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهَا، وَلَا اسْتِدَامَتُهَا)، وَخَالَفَهُ الزَّيَّادِيُّ فِي الْأَخِيرَيْنِ فَحَرَّمَهُمَا.
وفي حواشي التحفة: (وَفِي الْعَلْقَمِيِّ عَلَى الْجَامِعِ مَا نَصُّهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ:
تَصْوِيرُ صُورَةِ الْحَيَوَانِ حَرَامٌ شَدِيدُ الْحُرْمَةِ، وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ سَوَاءٌ صَنَعَهُ لِمَا يُمْتَهَنُ أَمْ لِغَيْرِهِ، فَصَنْعَتُهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا بِكُلِّ حَالٍ، ...انْتَهَى.
وَعُمُومُ قَوْلُهُ: أَمْ لِغَيْرِهِ يُفِيدُ خِلَافَ مَا نُقِلَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ أَنَّ الصُّوَرَ الَّتِي تُتَّخَذُ مِنْ الْحَلْوَى لِتَرْوِيجِهَا لَا يَحْرُمُ بَيْعُهَا وَلَا فِعْلُهَا. ا هـ.
وَيُوَافِقُ مَا فِي الْعَلْقَمِيِّ مِنْ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا مَا كَتَبَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بِهَامِشِ الْمَحَلَّيْ مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الصُّوَرِ مَا يُجْعَلُ مِنْ الْحَلْوَى بِمِصْرَ عَلَى صُورَةِ الْحَيَوَانِ، وَعَمَّتْ الْبَلْوَى بِبَيْعِ ذَلِكَ، وَهُوَ بَاطِلٌ. ا هـ. ع ش).

وهل يشترط أن يمكن حياة المصوَّر أم لا؟
في التحفة: (وَخَرَجَ بِحَيَوَانٍ: تَصْوِيرُ مَا لَا رَأْسَ لَهُ، فَيَحِلُّ، خِلَافًا لِمَا شَذَّ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَكَفَقْدِ الرَّأْسِ فَقْدُ مَا لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فَقْدُ الْأَعْضَاءِ الْبَاطِنَةِ كَالْكَبِدِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ الْمُحَاكَاةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِدُونِ ذَلِكَ)، وفي الزواجر: (وَإِنْ أُغْفِلَ مِنْ الصُّورَةِ أَعْضَاؤُهَا الْبَاطِنَةُ، أَوْ بَعْضُ الظَّاهِرَةِ مِمَّا تُوجَدُ الْحَيَاةُ مَعَ فَقْدِهِ).
وخالفه الرملي فقال: (وَلَوْ بِلَا رَأْسٍ)، وفي حواشي الأسنى: (قَالَ الكوهكيلوني: وَكَذَا حُكْمُ مَا صُوِّرَ بِلَا رَأْسٍ، وَأَمَّا الرُّءُوسُ بِلَا أَبْدَانٍ فَهَلْ تَحْرُمُ؟، فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْحُرْمَةُ أَرْجَحُ ا هـ، هُوَ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي، وَبَنَاهُمَا عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ لَا نَظِيرَ لَهُ؟، إنْ جَوَّزْنَاهُ جَازَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُمْ: وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ). وفي حواشي الأسنى: (قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَوْ بِلَا رَأْسٍ ا هـ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَوِّرَ وَجْهَ إنْسَانٍ بِلَا بَدَنٍ. وَقَوْلُهُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ بِلَا رَأْسٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ).

وَيُسْتَثْنَى من حرمة التصوير أشياء:
1) صنع لُعَب الْبَنَاتِ وَكَذَا الصِّبْيَانِ، الَّذِينَ يَلْعَبُونَ بِهِ مِنْ تَصْوِيرِ شَكْلٍ يُسَمُّونَهُ عَرُوسَةً؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَهُ صلى الله عليه وسلم، وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةِ.
2) تصوير غير الحيوان: من صُوَرِ شَجَرٍ وَشَمْسٍ وَقَمَرٍ؛ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بِحَيَوَانٍ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَذِنَ لِمُصَوِّرٍ فِي ذَلِكَ، ولأنها: لَا تُشْبِهُ حَيَوَانًا فِيهِ رُوحٌ، بِخِلَافِ صُوَرِ الْحَيَوَانِ الْمَرْفُوعَةِ فَإِنَّهَا تُشْبِهُ الْأَصْنَامَ.
3) حكم الصور الفوتوغرافية: ففيها تردد
جاء في حاشية فتح المعين: 325: (وانظر ما عمت به البلوى في هذه الأزمنة من اتخاذ الصور المأخوذة رقما بالفوتوغراف:
هل يجري فيها الخلاف؛ لكونها من جملة المرقوم.
أم تجوز مطلقا بلا خلاف؛ لكونها من قبيل الصورة التي تُرَى في المرآة، وتوصلوا إلى حبسها، حتى كأنها هي كما تقضى به المشاهدة؟
حَرِّرْه، فإني لم أقف على من تعرض لذلك من أرباب المذاهب المتبعة).

ما حكم استدامة الصور، والتفرج عليه؟:
صُور الْحَيَوَانِ إما أن يمكن حياة المصوَّر وإما لا، وما أمكن حياته: إما أن يكون ممتهنا، وإما معظما.
فإن لم تمكن حياته فيجوز بقاؤه، ولا يجب إتلافه، وَإِذَا كَانَ فِي مَحَلِّ وَلِيمَةٍ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحُضُورِ فِيهِ. كأن تكون الصورُ مقطوعَة الرَأْس، ومثلها: [كُلّ مَا لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ فَقْدَ النِّصْفِ الْأَسْفَلِ كَفَقْدِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ لِلْحَيَوَانِ بِدُونِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ ح ل].
وفي حواشي التحفة: (وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ خَرْقَ نَحْوِ بَطْنِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِدَامَتُهُ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مَعَهُ الْحَيَاةُ فِي الْحَيَوَانِ، أَيْ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمُحَاكَاةِ). لكن في حواشي الجلال: (وَكَذَا كُلُّ حَالَةٍ لَا يَعِيشُ مَعَهَا كَتَخَرُّقِ بَطْنٍ).

أما إن أمكن حياة المصوَّر
فإِنْ كَانَ معظما، غيرَ ممتهن: فلا يجوز إبقاؤه، ويجب إتلافه، ، وَإِذَا كَانَ فِي مَحَلِّ وَلِيمَةٍ منَع وُجُوبَ الْحُضُورِ فِيهِ.
ومن صور عدم امتهانه: أن يكون فِي غَيْرِ أَرْضٍ، بِأَنْ كَانَتْ مَرْفُوعَةً كَأَنْ كَانَتْ عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ سِتْرٍ مُعَلَّقٍ لِزِينَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ، أَوْ وِسَادَةٍ مَنْصُوبَةٍ [لَأنَّهُ مُرْتَفِعٌ يُشْبِهُ الْأَصْنَامَ]، أَوْ ثِيَابٍ مَلْبُوسَةٍ [قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ: الْمُرَادُ بِهِ الْمَلْبُوسُ بِالْقُوَّةِ أَعْنِي مَا شَأْنَهُ أَنْ يُلْبَسَ، وَمِنْهُ: الْمَوْضُوعُ عَلَى الْأَرْضِ لَا لِيُدَاسَ، ثُمَّ قَالَا: وَيَجُوزُ لُبْسُ مَا عَلَيْهِ صُوَرُ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ وَدَوْسُهُ، وَوَضْعُهُ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ مُغَطَّى، فتأمله، وخالف الْمُغْنِي وعِبَارَتُهُ: إنَّمَا يَكُونُ مُنْكَرًا فِي حَالِ كَوْنِهِ مَلْبُوسًا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ]، أَوْ عِمَامَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُعَدُّ مُمْتَهَنًا.

أما إن كان ممتهنا: فيجوز بقاؤه، ولا يجب إتلافه، وَإِذَا كَانَ فِي مَحَلِّ وَلِيمَةٍ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحُضُورِ فِيهِ.
ومن صور امتهانه: أن تكون عَلَى بِسَاطٍ يُدَاسُ وَمَخَادَّ يُتَّكَأُ عَلَيْهَا. وطَبَقٍ وَقَصْعَةٍ. وَخِوَانٍ وإبْرِيقٍ خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ. قال في التحفة: (لِأَنَّ مَا يُوطَأُ أَوْ يُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا رُفِعَ مِنْ ذَلِكَ لِلزِّينَةِ مُحَرَّمٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَوْضُوعٌ لِمَا يُمْتَهَنُ بِهِ فَلَا نَظَرَ لِمَا يَعْرِضُ لَهُ.
وَيُؤَيِّدُهُ اعْتِبَارُهُمْ التَّعْلِيقَ فِي السُّتُرِ دُونَ اللُّبْسِ فِي الثَّوْبِ نَظَرًا لِمَا أُعِدَّ لَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا).
وفي حواشي الأسنى: (تَرَدَّدَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي الْإِبْرِيقِ لِكَوْنِهِ مُمْتَهَنًا بِالِاسْتِعْمَالِ، لَكِنْ لَا يُجْعَلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَمَالَ إلَى الْمَنْعِ فَقَالَ: إنَّهُ الْمُتَّجِهُ.
[قال ابن العراقي] وَعِنْدِي أَنَّ الدَّنَانِيرَ الرُّومِيَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا الصُّوَرُ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُنْكَرُ لِامْتِهَانِهَا بِالْإِنْفَاقِ وَالْمُعَامَلَةِ وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ رضي الله تعالى عنهم يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلَمْ تَحْدُثْ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ إلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ
... قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ نُقِشَتْ صُورَةٌ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَالْقِيَاسُ الْتِحَاقُهُ بِالثَّوْبِ لِامْتِهَانِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ).
وفي فتاوى ابن حجر: ( وَسُئِلَ ) عَنْ قَرَاطِيسِ الْإِفْرِنْجِ هَلْ تَجُوزُ الْكِتَابَةُ فِيهَا أَوْ لَا لِمَا فِيهَا مِنْ صُوَرِ الْحَيَوَانَاتِ وَهَلْ يَجِبُ قَطْعُ مَحَلِّهَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَقْصٌ أَوْ لَا ؟
( فَأَجَابَ ) بِقَوْلِهِ قَدْ سَبَرْتُ الْآنَ مِنْهَا جُمْلَةً فَلَمْ أَرَ فِيهَا صُورَةَ حَيَوَانٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ كَالْخَتْمِ.
فَعِنْد تَحَقُّقِ مَا فِيهَا غَيْر صُورَةٍ الْأَمْرُ وَاضِحٌ. وَكَذَا عِنْد الشَّكِّ فِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ.
وَأَمَّا عِنْد تَحَقُّقِ أَنَّ مَا فِيهَا صُورَةٌ فَالْوَجْهُ الْحِلُّ أَيْضًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ لِأَنَّهُمْ أَبَاحُوا اسْتِعْمَالَ مَا فِيهِ صُورَةٌ وَقَالُوا أَنَّهُ مُمْتَهَنٌ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكِتَابَةَ فِي الْوَرَقِ اسْتِعْمَالٌ لَهُ، بَلْ لَا اسْتِعْمَالَ لَهُ غَيْرُهُ، فَكَانَتْ الْكِتَابَةُ فِيهِ مَعَ وُجُودِ الصُّورَةِ جَائِزَةٌ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ امْتِهَانِهَا، عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً ذَكَرُوا جَوَازَ حَمْلِ الدَّنَانِيرِ الَّتِي تُجْلَبُ مِنْ أَرْضِهِمْ وَعَلَيْهَا صُورَةُ حَيَوَانٍ حَقِيقَةً يَقِينًا، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهَا كَانَتْ تُجْلَبُ مِنْ عِنْدِهِمْ فِي زَمَنِ السَّلَفِ أَيْضًا، وَلَمْ يَنْهَوْا عَنْ حَمْلِهَا فِي الْعِمَامَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا النَّقْدِيَّةُ لَا تِلْكَ الصُّورَةُ، وَلِتَعَذُّرِ إزَالَتِهَا أَوْ تَعَسُّرِهِ، وَإِذَا جَازَ هَذَا فِي تِلْكَ الدَّنَانِيرِ فَجَوَازُ الْكِتَابَةِ فِي الْوَرَقِ الْإِفْرِنْجِيِّ أَوْلَى وَإِنْ تُحُقِّقَ أَنَّ فِيهِ صُورَةَ حَيَوَانٍ.

أما التَّفَرُّجَ عَلَى الْجُلُودِ الْمُصَوَّرَةِ [ويعبر أحيانا باللَّعِب بِالْجُلُودِ الْمُقَصَّصَةِ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ] الْمُسَمَّى بِخَيَالِ الظِّلِّ فحَلَالٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْحُرْمَةِ. وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ:
رَأَيْت خَيَالَ الظِّلِّ أَكْبَرَ عِبْرَةٍ
لِمَنْ هُوَ فِي عِلْمِ الْحَقِيقَةِ رَاقِي
شُخُوصٌ لِأَرْوَاحٍ تَمُرُّ وَتَنْقَضِي
نَرَى الْكُلَّ يَفْنَى وَالْمُحَرِّكُ بَاقِي ا هـ.

عدم دخول ملائكة الرحمة بيتا فيه صورة مطلقًا:
الْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ صُورَةٍ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: {لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ}، قال ابن حجر: (أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنَّهَا كَجُنُبٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ مَا دَامَ فِيهِ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ).
قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِنْ دُخُولِ بَيْتٍ فِيهِ صُورَةٌ وَلَوْ عَلَى نَقْدٍ، وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الزَّوَاجِرِ، وَالْأَقْرَبُ مَا فِي الزَّوَاجِرِ؛ وَوَجْهُهُ أَنَّ حَمْلَ النَّقْدِ وَالتَّعَامُلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ صُورَةٌ إنَّمَا هُوَ لِلْعُذْرِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَعَدَمِ إرَادَةِ تَعْظِيمِهِ وَالْعُذْرُ فِي الِاحْتِيَاجِ وَالضَّرُورَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى مُلَازَمَةِ الْحَيْضِ لِلْحَائِضِ، وَمَعَ ذَلِكَ وَرَدَ النَّصّ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ حَائِضٌ ا هـ.

حكم الدخول إلى مكان فيه صورة محرم استدامتها:
في التحفة: (وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ وَالْخَبَرِ: حُرْمَةُ دُخُولِ مَحَلِّ هَذِهِ الصُّورَةِ الْمُعَظَّمَةِ، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِنَقْلِ الْبَيَانِ لَهُ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ، وَالذَّخَائِرُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَالشَّامِلُ عَنْ أَصْحَابِنَا، رَدًّا بِذَلِكَ قَوْلَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْأَكْثَرُونَ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ: إنَّهُ الصَّوَابُ. وَيَلْحَقُ بِهَا فِي ذَلِكَ: مَحَلُّ كُلِّ مَعْصِيَةٍ).
وفي الأسنى: (وَهَلْ دُخُولُ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ الْمَمْنُوعَةُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَجْهَان،ِ وَبِالتَّحْرِيمِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَبِالْكَرَاهَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ. وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ انْتَهَى، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُمْ مَالُوا إلَى الْكَرَاهَةِ، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، لَكِنْ حَكَى فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ التَّحْرِيمَ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدُّخُولِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْحُضُورِ، خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ).
واعْتَمَدَ ما في الشرح الصغير النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الْأَوَّلِ: أَمَّا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ لِمَحَلٍّ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْحُضُورِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ ا هـ.
وَعِبَارَةُ الثَّانِي قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَحْرِيمُ دُخُولِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ هَذِهِ الصُّورَةُ وَكَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ وَبِالتَّحْرِيمِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَبِالْكَرَاهَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُمْ مَالُوا إلَى الْكَرَاهَةِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَلَكِنْ حُكِيَ فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ التَّحْرِيمُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدُّخُولِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْحُضُورِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ ا هـ.

حكم بيع الصور المحرم استدامتها:
في حواشي الجمل: في باب البيع: (وَمِثْلُهَا فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ الصُّوَرُ وَالصُّلْبَانُ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَلْوَى.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ م ر يَصِحُّ بَيْعُ صُوَرِ الْحَلْوَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْهَا الرَّوَاجُ.
وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ لُعَبَ الْبَنَاتِ.
وَأَمَّا نَفْسُ التَّصْوِيرِ فَحَرَامٌ.
وَيَصِحُّ بَيْعُ الْأَطْبَاقِ وَالثِّيَابِ وَالْفُرُشِ الْمُصَوَّرَةِ بِصُورَةِ الْحَيَوَانِ وَيَحْرُمُ بَيْعُ كُتُبِ الْعِلْمِ الْمُحَرَّمِ وَنَحْوِهِ ا هـ. بِرْمَاوِيٌّ).

هل يستحق المصور الأجرةَ:
التحفة: وَلَا شَيْءَ لِمُصَوِّرٍ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ضَعِيفٌ بَلْ شَاذٌّ، وعلله في الأسنى: بأَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ.
وَلَا أَرْشَ عَلَى كَاسِرِهِ.
 
إنضم
5 يونيو 2008
المشاركات
76
الكنية
أبو صلاح الدين
التخصص
شريعة
المدينة
...........
المذهب الفقهي
شافعي
رد: حكم التصوير

قال ابن حجر في كف الرعاع :
تَنْبِيه خامس : علم ممَّا مرَّ أنَّ محلَّ القول بالإباحة أو الكراهة ما لم تكنْ بَيادق الشِّطرَنج ونحوها مُصوَّرة كلها أو بعضها ولو كان واحدًا بصُورة حَيوان، وإلا حرم اللعب به لأنَّ فيه تعظيمًا له، وبه فارق الجلوس والنوم ونحوهما على المصور؛ لأنَّ فيه إهانةً له .
ففرق بين التعظيم والإهانة
 
إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
953
الإقامة
المطرية دقهلية مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سارة
التخصص
لغة عربية
الدولة
مصر
المدينة
المطرية دقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حكم التصوير

رَأَيْت خَيَالَ الظِّلِّ أَكْبَرَ عِبْرَةٍلِمَنْ
هُوَ فِي عِلْمِ الْحَقِيقَةِ رَاقِي
شُخُوصٌ لِأَرْوَاحٍ تَمُرُّ وَتَنْقَضِي
نَرَى الْكُلَّ يَفْنَى وَالْمُحَرِّكُ بَاقِي

أخبرني شيخي عبد العزيز الشهاوي ان قائل البيتين هو الشيخ محمد الشهاوي الكبير رحمه الله وهو الجد التاسع لشيخنا حفظه الله
 
التعديل الأخير:
أعلى