سما الأزهر
:: متخصص ::
- إنضم
- 1 سبتمبر 2010
- المشاركات
- 518
- التخصص
- الشريعة الإسلامية
- المدينة
- القاهرة
- المذهب الفقهي
- الشافعي
.........................................
صورة المسألة : امرأة عندها مال خاص بها وجبت فيه الزكاة بعد بلوغه النصاب وحولان الحول عليه ، وزوجها فقير من الذين يستحقون أخذ مال الزكاة ، هل يجوز لها أن تدفع زكاة مالها إليه ؟.
أولاً : أجمع أهل العلم على أن الزوج لا يعطي من زكاة ماله لزوجته ؛ لأن نفقتها واجبة عليه.
أما أن تدفع الزوجة زكاة مالها لزوجها الفقير فقد اختلف أهل العلم فيها ، والراجح من أقوالهم ينص على أنه يجوز للمرأة الغنية أن تدفع زكاة مالها إلى زوجها الفقير لعدة أسباب :
1- أنه من المصارف التي تُدفع لهم الزكاة بغض النظر عن كونه زوج أم لا لعموم النص القرآني في ذلك : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) . التوبة/60 ، فإذا جاز له شرعاً أن يأخذ الزكاة من غيرها ، فمن زوجته أولى ، وهو أطيب الإعطاء في الفرض والتطوع ، ألم يوضح الحق سبحانه وتعالى ذلك بقوله : ( فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ) النساء (4).
2- لم يرد دليل من القرآن أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم يمنع ذلك ، بل الدليل الصحيح يدل على الجواز بل يدل على مضاعفة الأجر للزوجة في ذلك ، والدليل هو :
عن زينب امرأة عبد الله قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تصدقن يا معشر النساء ولو من حُليكن . قالت : فَرَجَعتُ إلى عبد الله فقلت : إنك رجل خفيف ذات اليد وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزي عنّي وإلا صرفتها إلى غيركم . قالت فقال لي عبد الله : بل ائتيه أنت . قالت : فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها . قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُلْقِيَت عليه المهابة . قالت : فخرج علينا بلال ، فقلنا له : ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك : أتجزي الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ؟ ولا تخبره من نحن . قالت : فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هما ؟ فقال : امرأة من الأنصار وزينب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيّ الزيانب ؟ قال : امرأة عبد الله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لهما أجران : أجر القرابة ، وأجر الصدقة . ..متفق عليه .
وقد يقول قائل : هذا الحديث يخص صدقة التطوع وليس الزكاة ، أقول :
الحديث ليس فيه تفصيل فيشمل الوجهين ، وأيضاً حينما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستفسار من زينب على نوع الصدقة التي تريد أن تخرجها من مالها ، إن كانت تطوع أم زكاة ، دل ذلك على جواز الأمرين ، وكأنه صلى الله عليه وسلم قال لها : يجوز لك الأمرين أي أن تعطي زوجك صدقة وزكاة .
وقد يقول قائل أيضاً : إذا أعطت الزوجة زكاة مالها لزوجها سيقوم بدوره بإنفاقها عليها ، فكأنها أعطت الزكاة باليمين وأخذته بالشمال .
أقول : ومالمضرة في ذلك ، أليس لو أخذ زكاة من غيرها أو منها على سبيل التطوع سينفقها عليها ؟ الزوج توفر فيه وصف استحقاق الزكاة وهو الفقر ، فكما يجوز له أن يأخذ مال الزكاة من غيرها فمنها أولى ، وهذا ماذهب إليه الشافعي والثوري ، وصاحبي أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وعن أحمد .
وسبحان الله على هذا التكامل في أحكام الشريعة الغراء ، وعجائبها التي لا تنقضي في ترسيخ المودة والرحمة بين الزوجين ، فالزوج لا يجوز له أن يعطي زكاة ماله لزوجته لأن نفقتها واجبة عليه ، وبالمقابل يجوز له أن يأخذ من زكاة مال زوجته ؛ لأن نفقته غير واجبة عليها . والله تعالى أعلى وأعلم .