رد: الأسوَاق المالِيَّة في مِيزان الفقه الإسلاَمي: علي محيي الدين القرةداغي
رد: الأسوَاق المالِيَّة في مِيزان الفقه الإسلاَمي: علي محيي الدين القرةداغي
التّعريفُ بالأسوَاق الماليّة لغَة واصطلاَحاً
تطلق كلمة " السوق " في اللغة ويراد بها: موضع البياعات قال ابن سيده: السوق التي يتعامل فيها، تذكر وتؤنث. ولها معان أخرى (1) وجاء بهذا المعنى قوله تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} (2) .
وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} (3) .
والأسواق جمع السوق وهي موضع البياعات والتعامل.
وورد لفظ " السوق " و " الأسواق " في السنة المشرفة كثيرًا حتى خصص بعض أصحاب الصحاح والسنن بابًا خاصًَّا بالسوق، بل ذكر البخاري أربعة أبواب لها، ترجم الأول: باب ما ذكر في الأسواق، وأورد فيه عدة آثار وأحاديث فذكر: قال عبد الرحمن بن عوف: لما قدمنا المدينة، قلت: هل من سوق فيه تجارة؟ فقال: سوق قينقاع. وقال عمر: ألهاني الصفق بالأسواق،
ثم روى بسنده عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في السوق فقال رجل: (يا أبا القاسم ) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة أحدكم في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعًا وعشرين درجة )) ، وترجم الثاني: باب كراهية السخب في الأسواق – أي رفع الصوت بالخصام، وترجم بابًا ثالثًا: باب الأسواق التي كانت في الجاهلية، فتبايع بها الناس في الإسلام، ثم روى عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: " كانت عكاظ، ومجنة، وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية، فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} " [2: 198] .
قال ابن بطال: " فقه هذه الترجمة أن مواضع المعاصي وأفعال الجاهلية لا تمنع من فعل الطاعة فيها. . " (1) .، وأورد بابًا رابعًا ترجم له: باب التجارة أيام الموسم، والبيع في أسواق الجاهلية، وأورد فيه حديث ابن عباس السابق بلفظ: ((كان ذو المجاز، وعكاظ متجر الناس في الجاهلية (2) .
والمال لغة هي كما يقول ابن الأثير: المال في الأصل: ما يملك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كل ما يقتني ويملك من الأعيان، وذكر الفيروز أبادي أن المال يطلق على كل ما ملكته من كل شيء وأصله من مال الرجل يمول، ويمال مولًا إذا صار ذا مال (3) .
وقد ثار خلاف بين الفقهاء في تعريف المال، فعرفه الحنفية بأنه عين يجري التنافس والابتذال، حيث خصصوا المال بالأعيان دون المنافع، كما أنهم عمموه للمال المباح، والمحرم، وأما عند الجمهور فهو عام للأعيان والمنافع لكنه لا يشمل المحرمات لعينها كالخمر والخنزير (4) .
فالأسواق المالية أو (البورصات) هي الأماكن الخاصة التي تخصص للنشاطات التجارية الخاصة بالصرف، والنقد، والأسهم والسندات، والأوراق التجارية وشهادات الودائع، ونحوها، بالإضافة إلى عقود السلع بين المنتجين والتجار (5) .
(1) لسان العرب؛ والقاموس المحيط؛ ومختار الصحاح، مادة (سوق)
(2) سورة الفرقان: الآية 7، ويراجع تفسير الماوردي، طبعة وزارة الأوقاف الكويتية: 3/149
(3) سورة الفرقان: الآية 20
(1) صحيح البخاري – مع الفتح – كتاب البيوع: 4/321، 338، 342
(2) صحيح البخاري – مع الفتح – كتاب البيوع: 4/321، 338، 342، كتاب الحج: 3/593
(3) لسان العرب؛ والقاموس المحيط؛ ومختار الصحاح، مادة (مول)
(4) يراجع: مجمع الأنهر: 2/3؛ وحاشية ابن عابدين: 4/3؛ والبحر الرائق: 5/256 – 257؛ والأشباه والنظائر، للسيوطي: ص354؛ وشرح المحلى على المنهاج مع حاشيتي القليوبي وعميرة: 3/28. ويراجع: الملكية ونظرية العقد، للأستاذ أحمد فراج، طبعة الطباعة الفنية المتحدة بالقاهرة: ص6
(5) موريس سلامة: الأسواق المالية في العالم، ترجمة يوسف الشدياق، طبعة عويدات ببيروت وباريس 1983م: ص5. ود. معبد الجارحي: المصارف الإسلامية، والأسواق العالمية، بحث مقدم للمؤتمر الثالث للمصارف الإسلامية في دبي أكتوبر 1985م: ص2 ..