العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شرح السيرة النبوية لابن هشام

انضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,570
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
1- شرح سيرة ابن هشام | (1) المقدمة | مراحل تدوين السيرة | مصادر السيرة النبوية


 
التعديل الأخير:
انضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,570
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى

41 شرح السيرة النبوية لابن هشام | الالتياط في الجاهلية | الاستدلال بحادثة الإفك على أمر عوف بن لؤي

أمر سامة بن لؤي، وقوله حين نهشته الحية وأحس بالموت:

عَيْنِ فَابْكِي لِسَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ ... عَلَّقَتْ سَاقَ سَامَةَ الْعَلَّاقَهْ
لَا أَرَى مِثْلَ سَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ ... يَوْمَ حَلُّوا بِهِ قَتِيلًا لِنَاقَهْ
بَلِّغَا عَامِرًا وَكَعْبًا رَسُولًا ... أَنَّ نَفْسِي إلَيْهِمَا مُشْتَاقَهْ
إنْ تَكُنْ فِي عُمَانَ دَارِي فَإِنِّي ... غَالِبِيٌّ، خَرَجْتُ مِنْ غَيْرِ نَاقَهْ
رُبَّ كَأْسٍ هَرَقْتَ يَا بْنَ لُؤَيٍّ ... حَذَرَ الْمَوْتِ لَمْ تَكُنْ مُهْرَاقَهْ
رُمْتَ دَفْعَ الْحُتُوفِ يَا بْنَ لُؤَيٍّ ... مَا لِمَنْ رَامَ ذَاكَ بِالْحَتْفِ طَاقَهْ
وَخَرُوسَ السَّرَى تَرَكْتَ رَدِيَّا ... بَعْدَ جَدٍّ وَجَدَّةٍ وَرَشَاقَهْ

عَوْفُ بْنُ لُؤَيٍّ خَرَجَ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، حَتَّى إذَا كَانَ بِأَرْضِ غَطَفَانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ، أُبْطِئَ بِهِ، فَانْطَلَقَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَتَاهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْدٍ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ بَغِيضِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ فالتاطه وآخاه وقال له:

احْبِسْ عَلَيَّ ابْنِ لُؤَيٍّ جَمَلَكْ ... تَرَكَكَ الْقَوْمُ وَلَا مَنْزِلَ لَكَ

قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَوْ كُنْتُ مُدَّعِيًا حَيًّا مِنْ الْعَرَبِ، أَوْ مُلْحِقَهُمْ بِنَا لَادَّعَيْتُ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ، إنَّا لَنَعْرِفُ فِيهِمْ الْأَشْبَاهَ مَعَ مَا نَعْرِفُ مِنْ مَوْقِعِ ذَلِكَ الرَّجُلِ حَيْثُ وَقَعَ، يَعْنِي عَوْفَ بْنَ لُؤَيٍّ،
وقَالَ الْحَارِثُ بْنُ ظَالِمِ أَحَدُ بَنِي مُرَّةَ بْن عَوْفِ- حِينَ هَرَبَ مِنْ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ فَلَحِقَ بِقُرَيْشٍ:


فَمَا قَوْمِي بِثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ ... وَلَا بِفَزَارَةِ الشُّعُر الرِّقَابَا
وَقَوْمِي، إنْ سَأَلْتَ، بَنُو لُؤَيٍّ ... بِمَكَّةَ عَلَّمُوا مُضَرَ الضِّرَابَا
سَفِهْنَا بِاتِّبَاعِ بَنِي بَغِيضِ ... وَتَرْكِ الْأَقْرَبِينَ لَنَا انْتِسَابَا
سَفَاهَةَ مُخْلِفٍ لِمَا تُرَوَّى ... هَرَاقَ الْمَاءَ وَاتَّبَعَ السَّرَابَا
فَلَوْ طُووِعْتَ، عَمْرَكَ، كُنْتَ فِيهِمْ ... وَمَا أُلْفِيتُ أَنْتَجِعُ السَّحَابَا
وَخَشَّ رَوَاحَةُ الْقُرَشِيِّ رِحَلِي ... بِنَاجِيَةٍ وَلَمْ يَطْلُبْ ثَوَابَا

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحُمَامِ الْمُرِّيُّ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي سَهْمِ بن مرّة، يردّ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ ظَالِمٍ، وَيَنْتَمِي إلَى غَطَفَانَ:

أَلَا لَسْتُمْ مِنَّا وَلَسْنَا إلَيْكُمْ ... بَرِئْنَا إلَيْكُمْ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ
أَقَمْنَا عَلَى عِزِّ الْحِجَازِ وَأَنْتُمْ ... بِمُعْتَلَجِ الْبَطْحَاءِ بَيْنَ الْأَخَاشِبِ

يَعْنِي قُرَيْشًا.
ثُمَّ نَدِمَ الْحُصَيْنُ عَلَى مَا قَالَ، وَعَرَفَ مَا قَالَ الْحَارِثُ بْنُ ظَالِمٍ، فَانْتَمَى إلَى قُرَيْشٍ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ، فَقَالَ:


نَدِمْتُ عَلَى قَوْلٍ مَضَى كُنْتُ قُلْتُهُ ... تَبَيَّنْتُ فِيهِ أَنَّهُ قَوْلُ كَاذِبِ
فَلَيْتَ لِسَانِي كَانَ نِصْفَيْنِ مِنْهُمَا ... بَكِيمٌ وَنِصْفٌ عِنْدَ مَجْرَى الْكَوَاكِبِ
أَبُونَا كِنَانِيٌّ بِمَكَّةَ قَبْرُهُ ... بِمُعْتَلَجِ الْبَطْحَاءِ بَيْنَ الْأَخَاشِبِ
لَنَا الرُّبُعُ مِنْ بَيْتِ الْحَرَامِ وِرَاثَةً ... وَرُبُعُ الْبِطَاحِ عِنْدَ دَارِ ابْنِ حَاطِبِ

أَيْ أَنَّ بَنِي لُؤَيٍّ كَانُوا أَرْبَعَةً: كَعْبًا، وَعَامِرًا، وَسَامَةَ، وَعَوْفًا.قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِرِجَالِ مِنْ بَنِي مُرَّةَ: إنْ شِئْتُمْ أَنْ تَرْجِعُوا إلَى نَسَبِكُمْ فَارْجِعُوا إلَيْهِ.
وانظر شرح الأشعار الواردة في هذا الدرس

 
انضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,570
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى

42 شرح السيرة النبوية لابن هشام | سادات مرة | النكاح بين الجن والإنس وأحكامه الفقهية

خارجة بن سنان الذي تزعم قيس أن الجن اختطفته لتستفحله نساؤها لبراعته ونجدته، ونجابة نسله، والقصة خرافة،
وقد قدمت بنته على عمر، فقال لها: ما كان أبوك أعطى زهيرا حين مدحه،
فقالت: أعطاه مالا ورقيقا وأثاثا أفناه الدهر،
فقال: لكن ما أعطاكم زهير لم يفنه الدهر،
وكان خارجةُ بَقِيرًا أمرت أمه عند موتها أن يبقر بطنُها عنه، ففعلوا فخرج حيا، فسمي خارجة،
ويقال للبقير: خشعة، قال الحطيئة يعني خارجة بن سنان:

لقد علمت خيل ابن خشعة أنها ... متى ما يكن يوما جلاد تجالد.
قال عامر الخصفي:
أَحْيَا أَبَاهُ هَاشِمَ بْنُ حَرْمَلَهُ ... يَوْمَ الْهَبَاآتِ وَيَوْمَ الْيَعْمَلَهْ
تَرَى الْمُلُوكَ عِنْدَهُ مُغَرْبَلَهُ ... يَقْتُلُ ذَا الذَّنْبِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهْ
وَرمحه للوالدات مثكله
إنما أعجب هاشما هذا البيت؛ لأنه وصفه فيه بالعز والامتناع، وأنه لا يخاف حاكما يعدي عليه، ولا ترة من طالب ثأر.
قوله: "يوم الهباآت" ويروى: «يَوْم الهباتين» فقصر للضَّرُورَة، وَإِنَّمَا أَرَادَ الهباءتين. وَكَثِيرًا مَا يرد الْمَكَان مثنى أَو مجموعا فِي الشّعْر العربيّ، وَيُرَاد بِهِ الْمُفْرد، وَيَوْم الهباءة كَانَ لعبس على ذبيان. والهباءة: مَوضِع بِبِلَاد غطفان
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذَلِكَ الَّذِي أَرَادَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ:

وَهَاشِمَ مُرَّةَ الْمُفْنِي مُلُوكًا ... بِلَا ذَنْبٍ إلَيْهِ وَمُذْنِبِينَا
مسألة: نكاح الآدمي للجنية:
هذه المسألة ذكرها الفقهاء في كتاب النكاح وعندنا في المذهب الشافعي وجهان:
أحدهما- عدم جواز المناكحة بين الإنس والجن، وهو ضعيف،
ثانيهما- جواز المناكحة بينهما، وهو المعتمد
وممن مال إلى عدم الجواز الخطيب الشربيني فقال في الإقناع: (فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ وَمُثْبِتَاتِ الْخِيَارِ فِيهِ (وَالْمُحَرَّمَاتُ) عَلَى قِسْمَيْنِ: تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ وَتَحْرِيمٌ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ، وَمِنْ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ نِكَاحُ الْجِنِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: 189])
واعترضه البجيرمي في حاشيته فقال: (وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ مُنَاكَحَةِ كُلٍّ لِلْآخَرِ. وَعِبَارَةُ م د فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ: الْمُعْتَمَدُ حِلُّ نِكَاحِنَا لَهُمْ وَعَكْسُهُ وَلَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ مِنْهُمْ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهَا لَا تَنْقُضُ وُضُوءُهُ حِينَئِذٍ اهـ ق ل. وَاَلَّذِي فِي حَاشِيَتِهِ إذَا تَحَقَّقَتْ الذُّكُورَةُ أَوْ الْأُنُوثَةُ نُقِضَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ نَقَضَ لَمْسُهَا اهـ. قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ) اعْتَمَدَهُ م ر. وَهَلْ يُجْبِرُهَا عَلَى مُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ أَوْ لَا وَهَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ التَّشَكُّلِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيَّةِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحْصُلُ النَّفْرَةُ أَوْ لَا؟ وَهَلْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِشُرُوطِ صِحَّةِ النِّكَاحِ مِنْ أَمْرِ وَلِيِّهَا وَخُلُوِّهَا عَنْ الْمَوَانِعِ أَوْ لَا؟ وَهَلْ إذَا رَآهَا فِي صُورَةٍ غَيْرَ الَّتِي أَلِفَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا هِيَ فَهَلْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا أَوْ لَا؟ وَهَلْ يُكَلَّفُ الْإِتْيَانَ بِمَا يَأْلَفُونَهُ مِنْ قُوتِهِمْ كَالْعَظْمِ وَغَيْرِهِ إذَا أَمْكَنَ الِاقْتِيَاتُ بِغَيْرِهِ أَمْ لَا؟ وَقَوْلُهُ: " اعْتَمَدَهُ م ر " أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، أَيْ فَيَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ نِكَاحُ الْجِنِّيَّةِ وَعَكْسُهُ، وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَلَوْ عَلَى صُورَةِ حِمَارٍ مَثَلًا وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ النِّكَاحِ لِلْإِنْسِيِّ مِنْهُمَا فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِلَمْسِهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِوَطْئِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَمِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْآدَمِيَّةِ لَوْ كَانَتْ زَوْجَةً وَأَمَّا الْجِنِّيُّ مِنْهُمَا فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَحْكَامِنَا ع ش.)
طبعا هذه مسألة غريبة وإنما ذكرتها لتُعْلَمَ، وأن الفقهاء لم يتركوا شاردة ولا واردة إلا ذكروها،
ومع ذلك فالقلب يميل إلى ما قاله الخطيب الشربيني من عدم جواز المناكحة؛ لأن في إباحته ذريعة إلى التساهل في مسألة إتيان الكلاب والبهائم والاعتذار بأنها زوجته وأنها تمثلت له في هذه الصورة لينكحها، ولا يخفى ما في هذا من المفاسد لا سيما في زمننا هذا.
هاشم بن حرملة هو: جد منظور بن زبان بن يسار الذي كانت بنته زجلة عند ابن الزبير، فهو جد منظور لأمه، واسمها: قهطِم بنت هاشم. كانت قهطم قد حملت بمنظور أربع سنين، وولدته بأضراسه، فسمي منظورًا لطول انتظارهم إياه.
وفي حاشية البجيرمي على الخطيب المسماة تحفة الحبيب على شرح الخطيب (1/ 339): وَقَدْ يُولَدُ الْجَنِينُ إلَى أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ كَثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ وَذَكَرَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَّ امْرَأَةً حَمَلَتْ خَمْسَ سِنِينَ

 
انضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,570
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى

43 شرح السيرة النبوية لابن هشام | أمر البسل | معاني بعض أسماء | الديل والدول والدئل

البَسْلُ: الحَرامُ قَالَ الأعْشَى:
أجارَتُكُمْ بَسْلٌ عَلَينا مُحَرَّمٌ ... وجارَتُنا حِلُّ لَكُم وحَلِيلُها
والبسل أَيْضا الحَلالُ قَالَ عبدُ الله بنُ همّام السَّلُولِيُّ:
أيَنْفُذُ مَا زِدْتُمْ وتُمْحَى زِيادَتِي ... دَمِي إِن أجِيزَتْ هَذِه لَكُمُ بَسْلُ
أَي حَلالٌ، ولا يكونُ الحَرامُ هنا، وهو ضِدٌّ عن أَبي عَمْرٍو والمُفَضَّل بن سَلَمَة.
قول زهير بن أبي سُلْمَى:

تَبَصَّرْ فإنْ تَقْوَ المَرَوْرَاةَ منهمُ ... وَدَارَاتِها لا تَقْوَ منهمُ إذا نَخْلُ

بِلادٌ بها نادَمْتُهُمْ وأَلِفْتُهُمْ ... فإنْ تَقْوَيَا منهمُ فإنَّهُمُ بَسْلُ
"تأمل، ويروى "تَبَصَّرْ": فعل أمر بمعنى تأمل.
"تَقْوَ": من "تقوى"، أي تنجو أو تخلص.
"المَرَوْرَاة" الأَرض أَو الْمَفَازَةُ الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا، التَّهْذِيبِ: المَرَوْرَاةُ الأَرض الَّتِي لَا يَهْتَدِي فِيهَا إِلا الخِرِّيت. وَقَالَ الأَصمعي: المَروْرَاةُ قَفْرٌ مُسْتو، وَيُجْمَعُ مَرَوْرَياتٍ ومَرارِيَّ. ا. هـ
كأنه يريد أنها مواضع صعبة أو أرض وعرة.
"داراتها": جمع (دارَة)، يُقَال: نزلْنا دَارَةً من دارَاتِ العَرَب؛ وَهِي أَرضٌ سَهْلَةَ تُحِيط بهَا جِبالٌ، وداراتُ العَرَبِ كلّها سُهُولٌ بِيضٌ تُنْبِتُ النَّصِيَّ والصِّلِّيَانَ وَمَا طابَ رِيحُه من النَّبَات، وَهِي (تُنِيف)، أَي تزيد (على مِائَةٍ وعَشْرٍ)، على اخْتِلافٍ فِي بَعْضها، وقد ذكرها في التاج مرتبة على حروف المعجم.
"نَخْلُ": اسم موضع بالقرب من المدينة.
"بَسْلُ": فسرها ابن هشام بأنهم ساروا في حرمهم.

المعنى
تأمل وتفكر، فإن استطعت أن تنجو من "المرورة" وهي مواضع صعبة أو أرض وعرة يسكنها القوم، فاعلم أن "الدارات" وهي الأماكن التي يكثر فيها النخل وتبدو آمنة، لا تنجو منهم فيها أيضًا إذا اقتربت. ومعنى البيت الثاني: هذه البلاد التي عرفتهم فيها، شربت معهم ورافقتهم وألفتهم، فإن حاولت أن تنجو منهم، فاعلم أنهم "بَسْلُ"، أي شديدو البأس، لا يُغلبون، أو أنهم يسيرون في حرمهم لا يتعرض لهم أحد من العرب لمعرفتهم بالأشهر الحرم لديهم.
الجدرة: هم بنو عامر بن خزيمة بن جعثمة، وذكر غير ابن إسحاق أن السيل ذات مرة دخل الكعبة، وصدع بنيانها، ففزعت لذلك قريش، وخافوا انهدادها إن جاء سيل آخر، وأن يذهب شرفهم ودينهم، فبنى عامر لها جدارا، فسمي: الجادر.

معاني بعض الأسماء
فأما كلاب فهو منقول: إما من المصدر الذي هو معنى المكالبة نحو: كالبت العدو مكالبة وكلابا، وإما من الكلاب جمع كلب، لأنهم يريدون الكثرة، كما سموا بسباع وأنمار.
وقيل لأبى الرقيش [الكلابى] الأعرابي: لم تسمون أبناءكم بشر الأسماء نحو: كلب وذئب، وعبيدكم بأحسن الأسماء نحو: مرزوق ورباح؟ فقال: إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا، وعبيدنا لأنفسنا، يريد أن الأبناء عدة الأعداء، وسهام في نحورهم، فاختاروا لهم هذه الأسماء.
ومرة: منقول من وصف الحنظلة والعلقمة، وكثيرا ما يسمون بحنظلة وعلقمة، ويجوز أن تكون الهاء للمبالغة، فيكون منقولا من وصف الرجل بالمرارة، ويقوي هذا قولهم: تميم بن مر، وأحسبه من المسمين بالنبات، لأن أبا حنيفة ذكر أن المرة بقلة تقلع، فتؤكل بالخل والزيت يشبه ورقها ورق الهندباء
وأما كعب فمنقول إما من الكعب الذي هو قطعة من السمن، أو من كعب القدم وهو عندي أشبه، لقولهم: ثبت ثبوت الكعب، وجاء في خبر ابن الزبير أنه كان يصلي عند الكعبة يوم قتل، وحجارة المنجنيق تمر بأذنيه، وهو لا يلتفت كأنه كعب راتب، أي ثابت.
وكعب بن لؤي هذا أول من جمع يوم العروبة ولم تسم العروبة الجمعة إلا منذ جاء الإسلام في قول بعضهم، وقيل هو أول من سماها الجمعة، فكانت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم، فيخطبهم ويذكرهم بمبعث النبي- صلى الله عليه وسلم ويعلمهم أنه من ولده، ويأمرهم باتباعه والإيمان به، وينشد في هذا أبياتا منها قوله:

ياليتنى شاهد فحواء دعوته ... إذا قريش تبغي الحق خذلانا
وقد ذكر الماوردي هذا الخبر عن كعب في كتاب الأحكام له.لؤي:وأما لؤي، فقال ابن الأنباري هو تصغير اللأي، وهو الثور الوحشي وأنشد:
يعتاد أدحية بقين بقفرة ... ميثاء يسكنها اللأي والفرقد
قال أبو حنيفة: اللأي هي البقرة. قال: وسمعت أعرابيا يقول: بكم لاؤك هذه، وأنشد في وصف فلاة:
كظهر اللأي لو يبتغي رية بها ... نهارا لأعيت فى بطون الشواجن
الشواجن: شعب الجبال (والبيت للطرماح وهو فى اللسان: تبتغى على البناء للمجهول، وعيت بدلا من أعيت. وقد فسره بقوله: هذه الصحراء كظهر بقرة وحشية ليس فيها أكمة ولا وهدة.)

 
أعلى