العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مسائل نادرة !

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
#الصيام عن الميت:-
صيام رمضان لايُقضىٰ عن الميت، ودليل ذلك أنه لايصام بالإجماع عن العاجز الحي فكذلك الميت.
فقولهﷺ: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» خاص بالنذر، وليس علىٰ إطلاقه وأحاديث الباب الأخرىٰ توضح ذلك وتدل عليه. وقد أفتت عائشة -وهي راوية الحديث- بأنه يُطعَم عنه في قضاء رمضان ولايُصام، وكذلك أفتىٰ ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين.
وانظر جامع المسائل-المجموعة الرابعة صفحة ٢٣٩ و ٢٤٦ .

==================================
#الكفارة على من أفطر بغير عذر:-
لافرق بين الجماع والأكل في هتك حرمة الصوم، فجماع الأهل مباح كإباحة الطعام والشراب لولا الصيام، وليس في الجماع معنىً يقتضي تخصيصه بالكفارة إلا أنه اقتحام لحرمة نهار رمضان !
وحديث من جامع أهله قضية عين لامفهوم لها بدليل أنه رُوِيَ في الموطأ وصحيح مسلم من غير ذكر الجماع لكن بلفظ: «أن رجلا أفطر في رمضان» ولئن كان هذا من الرواية بالمعنىٰ فأقل مايدل عليه هو أن الصحابي أو التابعي الراوي للحديث لم يرَ للجماع خصوصية تقتضي تعيينه دون الأكل والشرب. فيكون من الفقه القديم المأثور عن خير القرون والسلف الصالح. والله أعلم.

وفي التمهيد لابن عبدالبر [١٩٩/٩-٢٠١] :-
"...وقال الأوزاعي وسُئِل عن رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا فلم يجد كفارة المفطر ولم يقدر على الصيام أيَسأل في الكفارة؟ فقال: "رد رسول اللهﷺ كفارة المفطر علىٰ أهله، فليستغفر الله ولايعد"، ولم ير عليه شيئا إذا كان في وقت وجوب الكفارة عليه معسرا. وقال الشافعي: "قول رسول اللهﷺ : «كلْه وأطعمه أهلك» يحتمل معانيَ؛ منها : أنه لما كان في الوقت الذي أصاب فيه أهله ليس ممن يقدر على واحدة من الكفارات تطوع رسول اللهﷺ بأن قال له في شيءٍ أُتِيَ به: «كفّر به» فلما ذكر الحاجة ولم يكن الرجل قبضه قال له: «كله وأطعمه أهلك» وجعل التمليك له حينئذ مع القبض. ويحتمل أن يكون لمّا مَلَكَه وهو محتاج -وكان إنما تكون الكفارة عليه إذا كان عنده فضل ولم يكن عنده فضل- كان له أن يأكله هو وأهله لحاجته. ويحتمل في هذا أن تكون الكفارة دَينا عليه متى أطاقها أداها وإن كان ذلك ليس في الخبر، وكان هذا أحب إلينا وأقرب من الاحتياط. قال: ويحتمل إذا كان لايقدر على شيء من الكفارات وكان لغيره أن يكفر عنه أن يكون لغيره أن يتصدق عليه وعلى أهله إذا كانوا محتاجين بتلك الكفارة وتجزي عنه. ويحتمل أن يكون إذا لم يقدر على شيء في حاله تلك أن تكون الكفارة ساقطة عنه إذا كان مغلوبا كما سقطت الصلاة عن المغمىٰ عليه إذا كان مغلوبا. والله أعلم."
"واختلفوا في الكفارة على المرأة إذا وطئها زوجها وهي طائعة في رمضان فقال مالك: إذا طاوعته زوجته فعلى كل واحد منهما كفارة، وإن أكرهها فعليه كفارتان عنه وعنها، وكذلك إذا وطىء أمته كفر كفارتين. وقال الأوزاعي: سواءٌ طاوعته أو أكرهها فليس عليهما إلا كفارة واحدة إن كفر بالعتق أو بالإطعام، فإن كفر بالصيام فعلىٰ كل واحدٍ منهما صيام شهرين متتابعين.."

=================================
#الحجامة والقيء والاستمناء:-
أي شيء يُستخرج من الجسم عمدًا من قيء أو دم أو منيّ فالأصل صحة الصيام حتى تقوم الحجة اللازمة على أنه مفسد للصوم.
قال ابن عباس : " الصوم مما دَخَلَ وليس مما خَرَجَ".
وقال أبو هريرة : "إذا قاءَ فلايفطر؛ إنما يخرج ولايولج".
ذكره عنهما البخاري في صحيحه رضي الله عنهما.
وهذه قاعدة كلية محكمة في كل مايُزعم أنه مفسد للصوم مما يُستخرج من الجسم عمدا.
أما الحجامة: فقولهﷺ: «أفطر الحاجم والمحجوم» ورد أنه قاله في غزوة الفتح ثم رخص فيه بعد، فقد ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: "رُخِّصَ في الحجامة للصائم" . وثبت عن ابن عباس أن النبيﷺ احتجم وهو صائم. وذلك في حجة الوداع.
والمأثور عن الصحابة الرخصة في الحجامة للصائم، ومن كرهها منهم فلأجل الضعف والجهد والتغرير بالصوم.

وأما القيء: فحديث أبي هريرة: "...من استقاء فعليه القضاء" =
قد أعلّه الإمام أحمد والبخاري والترمذي وقال ابن القيم: "إن الحفّاظ لايرونه محفوظا".
وقال أبو هريرة : "إذا قاءَ فلايفطر؛ إنما يخرج ولايولج".
والأصل صحة الصيام حتى يقوم البرهان على فساده.

وأما الاستمناء المباح كمداعبة الزوجة حتى الإنزال فالآثار دالة علىٰ العفو عنه، وما ترتب على المأذون فهو مأذون، أما الاستمناء المحرم بالنظر للحرام ونحوه فهو كالغيبة وقول الزور ينقص الأجر ولايمنع الإجزاء.
والجماع مفطر بالإجماع بمجرد إيلاج الذكر في الفرج ولاشأنَ للإنزال في إفساد الصوم.
والأصل أن الإنزال بغير وطء لايساوي الوطء نفسه، فلابد من دليل خاص كما ثبت وجوب الغسل بمجرد الإنزال. فلولا الدليل الخاص لما كان لنا أن نوجب الغسل على المحتلم والمستمني بالقياس علىٰ الناكح المُجامع.
روىٰ عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه عن مسروق قال: سألت عائشة: "ما يحل للرجل من امرأته صائما؟" قالت: «كل شيء إلا الجماع»
وذكر أيضا عن مسروق قال: دخلت على عائشة، فقلت: "يا أم المؤمنين ما يحل للرجل من امرأته حائضا؟" قالت: «ما دون الفرج». قال: فغمز مسروقٌ بيده رجلا كان معه أي اسمع، قال: قلت: "فما يحل لي منها صائما؟" قالت: «كل شيء إلا الجماع».
وروىٰ أبوجعفر الطحاوي في كتابه (شرح معاني الآثار) عن سعد بن أبي وقاص وسأله رجل: "أتباشر وأنت صائم؟" فقال: «نعم».
وعن ابن مسعود كذلك أنه كان يباشر وهو صائم.
وعن أبي مرة مولىٰ عقيل عن حكيم بن عقال أنه قال: سألت عائشة -رضي الله عنها- : "ما يحرم علَيّ من امرأتي وأنا صائم؟" قالت: "فرجها" .
قلتُ:
فلو كان الإنزال بدون وطء مفسدا للصوم لوجب التحذير والتنبيه والبيان وما سكتَ عنه الصحابة الكرام أعلم الأمة وأنصحهم لها وأتقاهم وأخشاهم لله.
وإفساد الصوم بمجرد الإنزال من العلم الواجب تبليغه للأمة لو كان حقا، لارتباطه بصحة ركن من أركان الإسلام ولعموم البلوىٰ به.
قال الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات:-
"ما سُكِتَ عنه فهو عفو؛ لأنه إذا كان مسكوتًا عنه مع وجود مظـنـته فهو دليلٌ علىٰ العفو فيه".
وقد قال رسول اللهﷺ: «إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ فرض فرائضَ فلا تُضيِّعوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتَدوها، وسكت عن أشياءَ رحمةً لكم غيرَ نِسيانٍ فلاتبحثُوا عنها» حسنه النووي وغيره.
والاستفصال عن خروج الماء الدافق (المني) حالَ اليقظة بفعلٍ من الصائم والحكم بفساد الصوم إنما بدأ في زمن التابعين كما يتبين من آثارهم إلىٰ أن استقرت المذاهب المعروفة علىٰ ذلك، ماعدا بعض مجتهدي الحنفية المتقدمين ثم ابن حزم إلىٰ أن نهض لها الشيخ الألباني في هذا العصر فكشف عن نقابها وأعادها إلىٰ نصابها.
أما الصحابة -رضي الله عنهم- فغاية ماورد عنهم هو التخوف على الشابّ أن ينجرّ إلى الجماع وألا يملك أربه في ذلك، فكانوا يتناهون عن ذلك حفظا للصوم واحتياطا له.
‏وعلىٰ هذا: فمن علم من نفسه تمالكها وتماسكها عن الوقاع فله في رسول اللهﷺ وصحابته الكرام أسوة حسنة في مباشرة الأهل والتمتع بما أباح الله له من ذلك والحمد لله.
وكذلك كراهة السواك آخر النهار للصائم؛ أوّلُ من قال به بعض التابعين اجتهادًا منهم لأجل خلوف فم الصائم وأنه أطيب عند الله من ريح المسك، أما الصحابة -رضي الله عنهم- فعلىٰ استحباب السواك للصائم مطلقا دون تفريق بين أول النهار وآخره.
20230309_010132.jpg

20230309_010538.jpg





==================================

﴿...ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ﴾
في لسان العرب مانصه:-
«وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ﴾؛ يَعْنِي بياضَ الصبحِ وسوادَ اللَّيْلِ، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ بالخَيْطِ لدِقَّته، وَقِيلَ: الخيطُ الأَسود الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، وَالْخَيْطُ الأَبيض الْفَجْرُ المُعْتَرِضُ؛ قَالَ أَبو دُواد الإِيادي:
فلمَّا أَضاءتْ لَنا سُدفةٌ، ... ولاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنارا
قَالَ أَبو إِسحاق: هُمَا فَجْرانِ، أَحدهما يَبْدُو أَسود مُعْترضاً وَهُوَ الْخَيْطُ الأَسود، وَالْآخَرُ يَبْدُو طَالِعًا مُسْتَطِيلًا يَمْلأُ الأُفق فَهُوَ الْخَيْطُ الأَبيض، وَحَقِيقَتُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الليلُ مِنَ النَّهَارِ، وَقَوْلُ أَبي دُوَادٍ: أَضاءت لَنَا سُدفَة، هِيَ هَاهُنَا الظُّلمة؛ ولاحَ مِنَ الصُّبْحِ أَي: بَدا وَظَهَرَ، وَقِيلَ: الخيْطُ اللَّوْنُ، وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ مَا قَالَهُ النَّبِيُّﷺ فِي تَفْسِيرِ الخَيْطَيْنِ: إِنما ذَلِكَ سوادُ الليلِ وبياضُ النَّهَارِ . . .
وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ عَدِيّ بْنَ حَاتِمٍ أَخذَ حَبْلًا أَسودَ وَحَبْلًا أَبيضَ وَجَعَلَهُمَا تَحْتَ وِسادِه لِيَنْظُرَ إِليهما عِنْدَ الْفَجْرِ، وَجَاءَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَعلمه بِذَلِكَ فَقَالَ: إِنك لعَريضُ القَفا، لَيْسَ الْمَعْنَى ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ بياضُ الفجرِ مِنْ سوادِ الليلِ، وَفِي النِّهَايَةِ: وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ بياضَ النَّهَارِ وَظُلْمَةَ اللَّيْلِ.»

قال ابن كثير في تفسيره:-
"وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هُمَا فَجْرَانِ، فَأَمَّا الذِي يَسْطَعُ فِي السَّمَاءِ فَلَيْسَ يُحِلّ وَلَايحرِّم شَيْئًا، وَلَكِنَّ الْفَجْرَ الذِي يَسْتَبِينُ عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ، هُوَ الذِي يُحَرِّمُ الشَّرَابَ. قَالَ عَطَاءٌ: فَأَمَّا إِذَا سَطَعَ سُطُوعًا فِي السَّمَاءِ، وَسُطُوعُهُ أَنْ يَذْهَبَ فِي السَّمَاءِ طُولًا فَإِنَّهُ لَايَحْرُمُ بِهِ شَرَابٌ لِصِيَامٍ وَلَا صَلَاةٌ، وَلَايَفُوتُ بِهِ حَجٌّ وَلَكِنْ إِذَا انْتَشَرَ عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ، حَرَّمَ الشَّرَابَ لِلصِّيَامِ وَفَاتَ الْحَجُّ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ، وَهَكَذَا رُوي عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ."

وفي تفسير ابن عطية:-
Screenshot_20200606-203639_Gallery.jpg



قلتُ:
فهو خيط دقيق في بدايته ولكنْ قد مَدَّ اللهُ لنا الأكل والشرب حتىٰ يتبين وينفجر وينتشر حتىٰ تسهل رؤيته داخل المدينة في البنيان ظاهرًا بدون تكلّف. فتَـبَـيُّـنه هو أن يظهر جدا حتىٰ لايرتاب فيه أحد.
والسنة المؤكدة أن يفرغ من سحوره قبل الأذان ليستعد لصلاة الفجر على أكمل وجه، هذا هو الأصل، إلا عند الحاجة أو الضرورة، فالواجب هو أن يمسك عن المفطرات في وقت الفجر، والمستحب أن يمسك قبل الفجر. كما أن لصلاة العصر والعشاء وقتين: وقت اختيار، ووقت ضرورة، فكذلك الإمساك في الصيام، وبهذا تجتمع الآثار وتتشابه الشريعة في توقيت الصلاة والصيام رفعا للحرج وتوسعة على المسلمين.

والحمد لله رب العالمين.
 
أعلى